توقيت القاهرة المحلي 17:21:06 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حادثة مثيرة

  مصر اليوم -

حادثة مثيرة

بقلم: د. محمود خليل

حادثة مثيرة شهدتها مدينة «الصف»، فبعد 10 سنوات من ممارسة مهنة الطب (تخصص نساء وتوليد) اكتشف أهل الصف أن الطبيب الشهير الذى يتعاملون معه ليس طبيباً، بل مسجل خطر.

كشفت التحريات أن الطبيب المزيف تمتع بسمعة حسنة بين الأهالى، وكان يتقاضى 50 جنيهاً فى الكشف الواحد، و700 جنيه فى الولادة الطبيعية، و1400 جنيه فى الولادة القيصرية.

لا أجدنى بحاجة إلى تذكيرك بمجموعة من الحوادث الشبيهة التى أمطرتنا بها وسائل الإعلام خلال الأسابيع الأخيرة. فى الشرقية على سبيل المثال تم ضبط شخص داخل مركز علاج طبيعى ينتحل صفة طبيب تخاطب. وفى كفر الزيات بالغربية تمكنت إدارة العلاج الحر من ضبط منتحل صفة طبيب ينصب ويكشف على المرضى فى جمعية خيرية بإحدى قرى المركز.

قد تسأل كيف يتأتَّى لشخص أن يخدع مرضاه وكل من حوله طيلة هذه السنوات دون أن يتنبه أحد إلى أنه «طبيب مزيف»؟ أجيبك ببساطة «إنه السعر».

طالب الخدمة -أى خدمة- فى مصر لا يهمه الجودة قدر ما يعتنى بالسعر. طبيب النساء كشفه «حنين»، لا يزيد عن 50 جنيهاً، وتكلفة الولادة الطبيعية أو القيصرية لديه منخفضة قياساً إلى أرقام أخرى متوسطة وفلكية مؤكد أننا جميعاً نسمع عنها.

ليس على بسطاء المصريين لوم إذا بحثوا عن السعر الأقل، فما باليد حيلة، والمواطن البسيط يدرك بفطرته أن مسألة الجودة لم يعد لها وجود يُذكر. فالأخطاء فى الطب واردة بالنسبة لأعتى عتاة المهنة، والإهمال -من بعض المتعلمين المتخصصين- داخل بعض المستشفيات الحكومية قد يؤدى إلى كوارث مثيلة للكوارث التى يقع فيها المنتحلون للصفة.

غياب القيمة على المستوى العام يفقد المجموع الطلب عليها ليصبح جل همهم التركيز فيما له قيمة، وبالتالى فغياب الجودة عن العديد من المجالات جعل تفكير بعض الناس ينصرف إلى السعر الذى يدفعونه، لأن العملة أصبحت هى الحامل للقيمة الأكبر التى يشتد الطلب عليها.

سوق الطب فى مصر شأنها شان كل الأسواق، فيها الجيد والردىء، وفيها الحقيقى والمزيف.

هناك أطباء كثر لا يتاجرون بالمهنة، ولا يمنحون المدعين أو المنتحلين فرصة للوجود، من خلال الحرص على تقديم الخدمة بسعر مناسب للمجموع، لا يهمهم الثراء أو مراكمة المال قدر ما يهمهم تخفيف آلام من حولهم، وكلنا يذكر الراحل الدكتور «محمد مشالى» طبيب الغلابة.

لكن فى المقابل يوجد أطباء آخرون لا يختلفون كثيراً عن المنتحلين. فالهمّ الأكبر لهؤلاء هو التنسيق مع شركات الأدوية وكتابة الروشتة تبعاً لتوجيهاتها، دون التفات إلى جودة أو جدوى الدواء فى علاج الحالة، فالمهم هو السعر الذى يحقق أرباحاً فلكية للشركة المنتجة، وللطبيب كاتب الروشتة نصيب فيها، يأخذ شكل النفحات المالية والهدايا العينية والسفر والرحلات له ولأفراد أسرته وغير ذلك.

الكل يعلم أيضاً أن طب العيادة الذى كان يعتمد على شطارة الطبيب فى الفحص الإكلينيكى أصبح لا يهتم به إلا الندرة من الأطباء، فمعامل التحليل والأشعات لا بد أن تعمل وتكسب وتحصد، وللطبيب الذى يرسل المريض إليها نصيب معلوم من الربح، بغض النظر عن احتياج أو عدم احتياج الحالة إلى هذا المستوى من الفحص.

ظهور الأطباء المزيفين لا يرتبط فقط -للإنصاف- بإشكالية «الجودة/السعر»، فالثقافة العامة لا تزال تدعم مؤسسة «الطب الشعبى»، وإلا بماذا نفسر استمرار الاعتماد على «الوصفات البلدى» والتداوى غير المنضبط بالأعشاب، بالإضافة إلى الأحجبة والرقى وغيرها فى التعامل مع المرضى على مستوى الوقاية أو العلاج؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حادثة مثيرة حادثة مثيرة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:13 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
  مصر اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 00:24 2023 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

الأهلي يهدد بتصعيد أزمة الشحات والشيبي للفيفا

GMT 06:06 2018 السبت ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

شاومي تعلن عن حدث في نيويورك بداية الشهر القادم

GMT 23:00 2018 الخميس ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

الشاعِرة سندس القيسي تُصدِر كتابها الشعري الثاني

GMT 03:05 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع أسعار الخضراوات في الأسواق المصرية الجمعة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon