بقلم: د. محمود خليل
المملكة العربية السعودية أعلنت خفض عدد ساعات حظر التجول وإعادة صلاة الجماعة، وفى الكويت يتحدث مسئولوها عن عودة قريبة للحياة الطبيعية والتحرر من عدد من الإجراءات الاحترازية التى تم اتخاذها فى مواجهة جائحة كورونا، وروسيا أعلنت أنها تخطت ذروة انتشار فيروس كورونا (ترتيبها حالياً الثالث على العالم على مستوى عدد الإصابات) برأى الخبراء، أما إسبانيا فقد بدأت هى الأخرى تخفيف الإجراءات الاحترازية وأعلنت عن عودة النشاط السياحى بدءاً من يوليو القادم. وفى مصر أعلن وزير التعليم العالى أن منحنى الإصابات سيأخذ فى الهبوط بعد الوصول إلى رقم الـ40 ألف إصابة منتصف يوليو المقبل. دول أخرى عديدة فى الطريق.
وهل وصل العالم حقيقة إلى ذروة انتشار الفيروس وأن عدد الإصابات والوفيات سيأخذ فى الانخفاض خلال الأسابيع القادمة؟. سؤال من الصعب الإجابة عنه، لكن من الوارد أن يكون لدى مسئولى الدول التى اتخذت هذه القرارات معلومات تساعدهم على الإجابة. فأحاديث المسئولين لا تأتى من فراغ، كما أنها لا تعبر عن اجتهاد قدر ما تتأسس على معلومات تضيق مساحتها أو تتسع. ويصح أن ننظر إلى أحاديث المسئولين عن الوصول إلى ذروة انتشار كورونا وبدء المنحنى فى الهبوط من زاويتين، تتعلق الأولى بطبيعة أى جائحة -كظاهرة طبيعية- تبدأ هادئة ثم تأخذ فى التصاعد حتى تصل إلى الذروة ثم تأخذ فى الانحسار، وذلك إذا اعتبرنا كورونا جائحة طبيعية كما يؤكد العديد من الخبراء، أما الزاوية الثانية فتذهب إلى أن أيدى البشر كانت تعمل من الخلف من خلال التلاعب بالمعلومات المتعلقة بالفيروس بصورة تستهدف تحقيق أهداف معينة. وهى نظرية يتبناها ترامب رئيس الولايات المتحدة، وبالتالى يصبح من الوارد أن تضع حرب كورونا أوزارها بعد أن حققت الهدف منها.
وقد شهد العالم خلال الأشهر الأخيرة مجموعة من التحولات التى جاءت كنتائج لمعمعة كورونا. على سبيل المثال انخفض سعر البترول بنسبة تصل إلى 70%، وانكمشت المشروعات المتوسطة والصغيرة إلى درجة الاضمحلال، وانهارت أسهم العديد من الشركات الكبرى فى البورصات العالمية، واتخذت العديد من الحكومات إجراءات تقشف لمواجهة الآثار الاقتصادية الناجمة عن إجراءات مواجهة الفيروس، وأصبحت كلمة «التباعد» الكلمة الأهم فى قاموس الحياة الاقتصادية والاجتماعية، فنشط اقتصاد «الديليفرى»، وانتعشت نشاطات التعليم عن بعد، وتراجعت أهمية السكن فى العواصم والمدن الكبرى، حيث توجد أكبر المشروعات نتيجة اللجوء إلى العمل عن بعد. والأخطر من كل ذلك أن مواطنى العالم أصبحوا مهيئين أكثر من أى وقت مضى لقبول فكرة الالتصاق بمكان دون التحرك منه، وقضاء المهام الحياتية المختلفة من خلال الثبات فى المكان وعدم التحرك منه إلى غيره. وحتى الفئات غير المنسجمة مع الفكرة ستجد نفسها مضطرة إلى التناغم معها بسبب التحولات العالمية التى ستفرض نفسها على أى واقع محلى. فى كل الأحوال سوف تبين الأيام القادمة أى وجهتى النظر أكثر صدقاً فى التعبير عن هذا الحدث الجلل: وجهة النظر التى ترى أن الفيروس تطور بصورة طبيعية أم تلك التى ترى أنه تطور بشكل مصنوع.