توقيت القاهرة المحلي 06:55:25 آخر تحديث
  مصر اليوم -

"شاورهم" والسيف على رقابهم

  مصر اليوم -

شاورهم والسيف على رقابهم

بقلم: د. محمود خليل

كان عمر بن الخطاب يعلم خطورة العصبية العائلية، وتأثيرها البالغ على أسلوب إدارة الحكم، لذا فقد اختص اثنين من الستة (أهل الشورى) وهما «عثمان وعلى» بحديث خاص. يحكى «ابن سعد» فى طبقاته الكبرى أن عمر قال وهو ينازع فى لحظاته الأخيرة: «ادعوا لى علياً وعثمان وطلحة والزبير وعبدالرحمن بن عوف وسعداً، فلم يكلم أحداً منهم غير على وعثمان، فقال: يا على لعل هؤلاء القوم يعرفون لك قرابتك من النبى صلى الله عليه وسلم وصهرك، وما آتاك الله من الفقه والعلم، فإن وليت هذا الأمر فاتقِ الله فيه، ثم دعا عثمان، فقال: يا عثمان لعل هؤلاء القوم يعرفون لك صهرك من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسنك، وشرفك، فإن وليت هذا الأمر فاتقِ الله ولا تحملن بنى أبى معيط على رقاب الناس».

بعد تشكيل (أهل الشورى) أعطى عمر تعليمات عجيبة لصهيب بن سنان الذى وكله فى إمامة الناس فى الصلاة فأمره بأن يصلى بالناس ثلاثة أيام، ويدخل الستة (أهل الشورى) بيتاً ويقوم على رؤوسهم، فإن اجتمع خمسة وأبى واحدٌ شدخ رأسه بالسيف، وإن اتفق أربعةٌ وأبى اثنان يضرب رأسيهما، وإن رضى ثلاثة رجلاً وثلاثة رجلاً يكون عبدالله بن عمر الحكم، فإن لم يرضوا بحُكم عبدالله بن عمر، ترجح كفة الذين فيهم عبدالرحمن بن عوف، وأمره بعد ذلك بقتل الباقين إن رغبوا عما اجتمع فيه الناس. الواضح أن عمر كان يخشى الفتن، ذلك هو ما حدث بالضبط، فأراد عمر أن تتم الشورى حتى ولو جاءت تحت مظلة السيف.

كان الصراع بين أهل الشورى حتماً محتوماً. فكل كان يريد الأمر لنفسه، رغم ما كان يتوقع من كل واحد منهم أن يدفع الأمر عن نفسه. يصف «ابن كثير» هذا الموقف قائلاً: «خلص القوم من الناس فى بيت يتشاورون فى أمرهم، فكثر القول وعلت الأصوات، وقال أبوطلحة: إنى كنت أظن أن تدافعوها ولم أكن أظن أن تنافسوها، ثم صار الأمر بعد حضور طلحة إلى أن فوض ثلاثة منهم مالهم فى ذلك إلى ثلاثة، ففوض الزبير ما يستحقه من الإمارة إلى على، وفوض سعد ماله فى ذلك إلى عبدالرحمن بن عوف، وترك طلحة حقه إلى عثمان بن عفان. فقال عبدالرحمن لعلى وعثمان أيكما يبرأ من هذا الأمر فنفوض الأمر إليه، والله عليه والإسلام ليولين أفضل الرجلين الباقيين، فأسكت الشيخان على وعثمان، فقال عبدالرحمن: إنى أترك حقى من ذلك، والله على والإسلام أن أجتهد فأولى أولاكما بالحق، فقالا: نعم، ثم خاطب كل واحد منهما بما فيه من الفضل، وأخذ عليه العهد والميثاق، لئن ولّاه ليعدلن، ولئن وُلى عليه ليسمعن وليطيعن، فقال كل منهما: نعم! ثم تفرقوا».

وكما كان عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، رجل المرحلة الذى أدار عملية انتقال السلطة إلى أبى بكر الصديق رضى الله عنه بعد وفاة النبى صلى الله عليه وسلم، كان عبدالرحمن بن عوف رجل المرحلة التالية المسئول عن إدارة عملية انتقال السلطة بعد وفاة عمر بن الخطاب. ولم يكن الأمر يستقيم مع وجود الستة على قائمة الاختيار، وميل كل فرد منهم إلى تزكية نفسه، لذا كان من الضرورى أن يحدث نوع من التصفية بين الشركاء، وأن يخرج منهم من يتولى المهمة الطبيعية فى اختيار أو انتخاب الخليفة من بين من بقوا فى القائمة. أخذ عبدالرحمن بن عوف فى مشورة كبار الصحابة من أهل الشورى وغيرهم من المسلمين لمدة ثلاثة أيام، ويشير صاحب البداية والنهاية إلى أن «ابن عوف» سأل فيها كل مَن يمكن أن يسأله ويألو جهداً فى استفتاء كل مَن قابل، وخلص إلى وجود ما يشبه الإجماع على «عثمان بن عفان».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شاورهم والسيف على رقابهم شاورهم والسيف على رقابهم



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:14 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

محمد صلاح يتصدر قائمة أفضل 10 مهاجمين في أفريقيا
  مصر اليوم - محمد صلاح يتصدر قائمة أفضل 10 مهاجمين في أفريقيا

GMT 20:01 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أنغام تطلق فيديو كليب «تيجي نسيب» بتقنية Dolby Atmos لأول مرة
  مصر اليوم - أنغام تطلق فيديو كليب «تيجي نسيب» بتقنية Dolby Atmos لأول مرة

GMT 09:38 2024 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

أفضل ماركات العطور النسائية للخريف

GMT 01:24 2018 الخميس ,28 حزيران / يونيو

تذبذب أسعار الدواجن في الأسواق المصريةالخميس

GMT 21:46 2016 الإثنين ,14 آذار/ مارس

تعرَف على جمال مدينة "دهب" جنوب سيناء

GMT 18:21 2024 الثلاثاء ,06 شباط / فبراير

أهمية تناول المكملات الغذائية يومياً

GMT 10:03 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار تنسيق موديلات عبايات أسود وذهبي للمناسبات

GMT 00:30 2021 الأربعاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

عطل في تطبيق جيميل Gmail والمستخدمون يلجأون لتويتر

GMT 09:01 2021 الأربعاء ,08 أيلول / سبتمبر

ليلى طاهر تعلن اعتزالها التمثيل دون رجعة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon