توقيت القاهرة المحلي 10:17:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

"شاورهم" والسيف على رقابهم

  مصر اليوم -

شاورهم والسيف على رقابهم

بقلم: د. محمود خليل

كان عمر بن الخطاب يعلم خطورة العصبية العائلية، وتأثيرها البالغ على أسلوب إدارة الحكم، لذا فقد اختص اثنين من الستة (أهل الشورى) وهما «عثمان وعلى» بحديث خاص. يحكى «ابن سعد» فى طبقاته الكبرى أن عمر قال وهو ينازع فى لحظاته الأخيرة: «ادعوا لى علياً وعثمان وطلحة والزبير وعبدالرحمن بن عوف وسعداً، فلم يكلم أحداً منهم غير على وعثمان، فقال: يا على لعل هؤلاء القوم يعرفون لك قرابتك من النبى صلى الله عليه وسلم وصهرك، وما آتاك الله من الفقه والعلم، فإن وليت هذا الأمر فاتقِ الله فيه، ثم دعا عثمان، فقال: يا عثمان لعل هؤلاء القوم يعرفون لك صهرك من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسنك، وشرفك، فإن وليت هذا الأمر فاتقِ الله ولا تحملن بنى أبى معيط على رقاب الناس».

بعد تشكيل (أهل الشورى) أعطى عمر تعليمات عجيبة لصهيب بن سنان الذى وكله فى إمامة الناس فى الصلاة فأمره بأن يصلى بالناس ثلاثة أيام، ويدخل الستة (أهل الشورى) بيتاً ويقوم على رؤوسهم، فإن اجتمع خمسة وأبى واحدٌ شدخ رأسه بالسيف، وإن اتفق أربعةٌ وأبى اثنان يضرب رأسيهما، وإن رضى ثلاثة رجلاً وثلاثة رجلاً يكون عبدالله بن عمر الحكم، فإن لم يرضوا بحُكم عبدالله بن عمر، ترجح كفة الذين فيهم عبدالرحمن بن عوف، وأمره بعد ذلك بقتل الباقين إن رغبوا عما اجتمع فيه الناس. الواضح أن عمر كان يخشى الفتن، ذلك هو ما حدث بالضبط، فأراد عمر أن تتم الشورى حتى ولو جاءت تحت مظلة السيف.

كان الصراع بين أهل الشورى حتماً محتوماً. فكل كان يريد الأمر لنفسه، رغم ما كان يتوقع من كل واحد منهم أن يدفع الأمر عن نفسه. يصف «ابن كثير» هذا الموقف قائلاً: «خلص القوم من الناس فى بيت يتشاورون فى أمرهم، فكثر القول وعلت الأصوات، وقال أبوطلحة: إنى كنت أظن أن تدافعوها ولم أكن أظن أن تنافسوها، ثم صار الأمر بعد حضور طلحة إلى أن فوض ثلاثة منهم مالهم فى ذلك إلى ثلاثة، ففوض الزبير ما يستحقه من الإمارة إلى على، وفوض سعد ماله فى ذلك إلى عبدالرحمن بن عوف، وترك طلحة حقه إلى عثمان بن عفان. فقال عبدالرحمن لعلى وعثمان أيكما يبرأ من هذا الأمر فنفوض الأمر إليه، والله عليه والإسلام ليولين أفضل الرجلين الباقيين، فأسكت الشيخان على وعثمان، فقال عبدالرحمن: إنى أترك حقى من ذلك، والله على والإسلام أن أجتهد فأولى أولاكما بالحق، فقالا: نعم، ثم خاطب كل واحد منهما بما فيه من الفضل، وأخذ عليه العهد والميثاق، لئن ولّاه ليعدلن، ولئن وُلى عليه ليسمعن وليطيعن، فقال كل منهما: نعم! ثم تفرقوا».

وكما كان عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، رجل المرحلة الذى أدار عملية انتقال السلطة إلى أبى بكر الصديق رضى الله عنه بعد وفاة النبى صلى الله عليه وسلم، كان عبدالرحمن بن عوف رجل المرحلة التالية المسئول عن إدارة عملية انتقال السلطة بعد وفاة عمر بن الخطاب. ولم يكن الأمر يستقيم مع وجود الستة على قائمة الاختيار، وميل كل فرد منهم إلى تزكية نفسه، لذا كان من الضرورى أن يحدث نوع من التصفية بين الشركاء، وأن يخرج منهم من يتولى المهمة الطبيعية فى اختيار أو انتخاب الخليفة من بين من بقوا فى القائمة. أخذ عبدالرحمن بن عوف فى مشورة كبار الصحابة من أهل الشورى وغيرهم من المسلمين لمدة ثلاثة أيام، ويشير صاحب البداية والنهاية إلى أن «ابن عوف» سأل فيها كل مَن يمكن أن يسأله ويألو جهداً فى استفتاء كل مَن قابل، وخلص إلى وجود ما يشبه الإجماع على «عثمان بن عفان».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شاورهم والسيف على رقابهم شاورهم والسيف على رقابهم



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon