توقيت القاهرة المحلي 10:17:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تغريدة العنف

  مصر اليوم -

تغريدة العنف

بقلم: د. محمود خليل

لم يكن «أدهم المصرى» يعرف معنى لاستخدام العنف قبل عصر محمد على باشا إلا من أجل صد الغزاة الطامعين فى خيرات المحروسة. وخلال الفترة التى احتل فيها الفرنسيون مصر (1798 - 1801) لم تتشكل مجموعات قتالية أهلية لتقوم بعبء المواجهة، فقد تولَّى ذلك المماليك بالتعاون مع القوات العثمانية التى زحفت على مصر لطرد الفرنسيين. وواقعة اغتيال «كليبر» سارى عسكر الحملة قام بها الحلبى «سليمان»، ولم يكن هذا الشاب تابعاً لجماعة بل مجرد ذئب منفرد -بالتعبير المعاصر- قرر بذاته القيام بالعملية. وبعد تأسيس الجيش المصرى على يد الوالى محمد على ونجله إبراهيم باشا أصبحت مهمة الدفاع عن مصر مسئولية رسمية للدولة. وقد حكيت لك أن أول قرار اتخذه الوالى الكبير بعد سيطرته على مقاليد الحكم تجريد الأهالى من السلاح، وهو القرار الذى أثار غضب «حجاج الخضرى» وكان من أشهر الشخصيات الأدهمية حينذاك، وقد حكيت لك قصته وكيف انتهت حياته نهاية غامضة حين اختفى فجأة دون أن يعلم أحد أين ذهب؟!.

بعد عدة سنوات من الاحتلال الإنجليزى لمصر عام 1882 عادت فكرة تمكين مجموعات حزبية معينة من استخدام العنف فى مواجهة الاحتلال وأعوانه إلى الظهور مرة أخرى، وكان الداعى لها هو الحزب الوطنى الذى أسسه مصطفى باشا كامل وحظى برعاية الخديو عباس حلمى الثانى. وقد تمكنت مجموعات العنف داخل الحزب من اغتيال بطرس باشا غالى رئيس وزراء مصر عام 1910 بسبب موافقته على مد امتياز قناة السويس وتوقيعه على معاهدة الحكم الثنائى للسودان، وتورطت فى محاولتين لاغتيال السلطان حسين كامل عام 1915 لقبوله ولاية عرش مصر تحت الحماية البريطانية. ولا يخفى عليك أن الحزب الوطنى كان له وجه إسلامى واضح، وكان يدعم فكرة الجامعة الإسلامية ويدافع عن دولة الخلافة، ويرى أن مصر تتبع الدولة العلية وسلطان «إسطنبول» ويحتج بهذه التبعية وهو يطالب بإخراج الإنجليز من مصر.

بطبيعته لا يميل المصرى إلى العنف، ويراه وسيلة المنسر والشطار والعيارين من اللصوص وقطاع الطرق الذين قاسى منهم الأمرَّين فى العديد من لحظات الفوضى التى عاشتها مصر. وقد حكى نجيب محفوظ فى «أولاد حارتنا» أن «أدهم» كان أجنح إلى السلم بعد أن نزل إلى الخلاء ليعيش مع غريمه إدريس، فقد كان الأخير يستفزه ويتحرش به كثيراً لكن الأول كان يؤثِر السلامة. فالطبيعة الأدهمية ميالة إلى الاستقرار، ومزاجها العام يكره العنف كل الكراهية، لكن «البنا» نجح فيما فشل فيه «إدريس»، حين أحيا داخل النفس الأدهمية أحد أحلام الموروث الشعبى والمتمثل فى حلم السيادة باسم الدين!. وقد عاش أدهم المصرى سنين طويلة يتغذى على فكرة شعبية تقول إن آخر هذه الأمة لن يصلح إلا بما صلح به أولها، وقد ألقى حسن البنا فى روع الأداهم أن أول هذه الأمة لم يصلح إلا حين حمل السيف. استجاب قطاع من الأداهم للفكرة الوهمية، ليثبت الشيخ المطربش أنه أشد مكراً من «إدريس» الذى حاول جر «أدهم أولاد حارتنا» إلى العنف وفشل
 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تغريدة العنف تغريدة العنف



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon