توقيت القاهرة المحلي 20:27:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الشجرة الملعونة

  مصر اليوم -

الشجرة الملعونة

بقلم: د. محمود خليل

الحب لدى «الإخوان» وغيرها من الجماعات المتشدّدة لا بد أن يكون «حباً فى الله». والحب فى الله معناه ببساطة أن تحب إنساناً لأنه يحرص على إرضاء الله، حتى تكون فى الفئات التى يظلها الله تعالى يوم لا ظل إلا ظله، استناداً إلى قول النبى، صلى الله عليه وسلم: «ورجلان تحابا فى الله اجتمعا عليه وتفرّقا عليه»، كما ورد فى الحديث الشريف، وهو الرباط البديل، لمحبة الأهل المفارقين للجماعة، ومحبة الأصدقاء الذين يغرّدون خارج سربها، بل وبديل أيضاً عن الحب بمدلوله العاطفى الذى ينشأ بين شاب وفتاة، أو رجل وامرأة. الضلع الثالث من أضلاع التربية على الكراهية داخل الجماعات المتشدّدة، يرتبط بفكرة «التعالى بالإيمان». فالمسلم لا بد أن يعتز بإسلامه، والمؤمن لا بد أن يعتز بإيمانه، وأن يكون متعالياً على الخارجين عن حظيرة الإسلام والمتفلتين من دائرة الإيمان، إعمالاً -لفهم مجتزأ- لقوله تعالى «وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ» (سورة المنافقون - الآية: 8).

وتتطور الفكرة بعد ذلك داخل جماعة مثل «الإخوان» لتصبح معبرة عن نوع من الاستعلاء بـ«الإيمان الإخوانى»، والانتماء إلى الجماعة الناجية التى لولاها لضاع الإسلام، الجماعة التى سوف تعيد إلى الإسلام عزه ومجده، فالوظيفة المنوطة بأعضاء الجماعة عظيمة، وعلى قدر عظمة الوظيفة ينبغى أن يعلو شعور الإنسان بالعظمة والأفضلية على هؤلاء المغردين خارج سربه، وبقدر ما يجب على العضو أن يكون مستعلياً على غيره، لا بد أن يكون طائعاً ذليلاً لإخوانه، خصوصاً إخوانه المسئولين عنه، إعمالاً -لفهم مبتسر- لقوله تعالى «أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ» (سورة المائدة - الآية 54). فهذا الاستعلاء لا بد أن يتحول إلى صورة متكاملة من صور المذلة، وأنت تتعامل مع أمير الجماعة أو أعضائها، فتتراقص معهم مثل بندول الساعة دون تقديم أو تأخير.

ولو أننا تأمّلنا أضلاع مثلث الكراهية (الأول المفاصلة، والثانى الحب فى الله، والثالث التعالى على الآخرين)، الذى يرسم خريطة العقل المتشدّد بقدر من العمق، فسوف ندرك بسهولة أن الهدف الأساسى منه يرتبط بزرع النقمة على الآخر فى النفوس، أياً كان هذا الآخر: أباً أو أماً أو أخاً أو صديقاً أو رفيقاً أو جاراً أو زميلاً أو شريكاً فى الوطن. ولا تستطيع أن تتقبل هذه الأفكار سوى النفوس التى تتمتع بتربة خصبة للعيش على الكراهية واحتقار الآخرين والاستعلاء عليهم. فالزرعة لا تنبت إلا فى التربة المناسبة لها، ولا يقوى على حمل كل هذه الكراهية داخل نفسه إلا من هو مؤهل لذلك، ولديه الاستعداد لمنح بذور الكراهية فرصة أن تكبر وتترعرع حتى تصير أشجاراً كثيفة يصعب اقتلاعها.

شجرة الكراهية هى الشجرة الملعونة التى يجيد المتطرفون -فى كل زمان ومكان وأياً كان موضوع تطرّفهم- زرعها فى النفوس الهشّة المهتزة الرّخوة لتجعل منهم أدوات للقتل -زوراً- باسم الله، لأن الله تعالى خالق الجميع ورازق الجميع وواهب الحياة للجميع. وليس يُعقل أن يدعو دين إلى قتل الآخر لأى سبب أو تحت أى راية، وقتل النفس التى حرم الله قتلها إلا بالحق لا يمكن أن يكون قرباناً لله. وظنى أنك لو حلّلت بعمق وتأنٍّ سيرة وأفعال أى إرهابى يزعم أنه يقتل باسم الله، فسوف تجد أن الدين مجرد يافطة مرفوعة، وأن الأسباب الحقيقية لإراقة الدماء لا تخرج عن دائرتى المطامع أو المطامح.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشجرة الملعونة الشجرة الملعونة



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 23:00 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

البيت الأبيض يصف كتاب "بوب وودورد" بأنه "قصص ملفقة"

GMT 09:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار في الديكور للحصول على غرفة معيشة مميزة في 2025
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon