توقيت القاهرة المحلي 06:46:37 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نصحك فى الأولى وغشك فى الثانية

  مصر اليوم -

نصحك فى الأولى وغشك فى الثانية

بقلم: د. محمود خليل

كان على بن أبى طالب كثير النصح لعثمان بن عفان بالاستماع إلى الآخر، وتأمل وجهة النظر المخالفة، خصوصاً خلال الفترة التى شهدت تمرداً من جانب جماعات من مصر والبصرة والكوفة على حكمه، لكن الأمر اختلف عندما تولى خلافة المسلمين بعد استشهاد «عثمان». كان على (رضى الله عنه) أميل إلى تحكيم رأيه، وكانت الشورى من وجهة نظره تعنى فقط إفساح المجال للقريبين منه كى يقدموا وجهة نظرهم، التى يكتفى بالاستماع إليها ولا يأخذ بها فى الأغلب.

كان المغيرة بن شعبة واحداً من أهل شورى على بن أبى طالب، ومن الجماعة التى تنصح له. فى موقف جمع «المغيرة» و«على» وقع الحوار الآتى الذى حكاه «ابن عباس». «قال ابن عباس: أتيت علياً بعد قتل عثمان عند عودتى من مكة فوجدت المغيرة بن شعبة مستخلياً به، فخرج من عنده، فقلت له: ما قال لك هذا؟ فقال: قال لى قبل مرته هذه: إن لك حق الطاعة والنصيحة، وأنت بقية الناس، وإن الرأى اليوم تحرز به ما فى غد، وإن الضياع اليوم يضيع به ما فى غد، أقرر معاوية وابن عامر وعمال عثمان على أعمالهم حتى تأتيك بيعتهم ويسكن الناس، ثم اعزل من شئت، فأبيت عليه ذلك وقلت: لا أداهن فى دينى ولا أعطى الدنية فى أمرى. قال: فإن كنت أبيت على فانزع من شئت واترك معاوية، فإن فى معاوية جرأة، وهو فى أهل الشام يُستمع منه، ولك حجة فى إثباته، وكان عمر بن الخطاب قد ولاه الشام. فقلت: لا والله لا أستعمل معاوية يومين! ثم انصرف من عندى وأنا أعرف فيه أنه يود أنى مخطئ، ثم عاد إلى فقال: إنى أشرت عليك أول مرة بالذى أشرت وخالفتنى فيه، ثم رأيت بعد ذلك أن تصنع الذى رأيت فتعزلهم وتستعين بمن تثق به، فقد كفى الله، وهم أهون شوكة مما كان. قال ابن عباس: فقلت لعلى: أما المرة الأولى فقد نصحك، وأما المرة الثانية فقد غشك».

على بن أبى طالب كان يسمع، لكن الرأى كان له فى النهاية. وهو أمر لا يرتبط بشخصه، قدر ما ارتبط بظرفه. فالظرف التاريخى الذى عاشه على وغيره من صحابة النبى لم يكن يجعل للشورى مكاناً أو قيمة. بل قل إن فكرة «أهل الشورى» التى ابتكرها عمر بن الخطاب تحولت إلى بوابة كبرى دخلت منها الفتنة إلى مجتمع الصحابة، فمن لم يرض بنتائجها ظل ساخطاً على حكم عثمان، حتى واتته الفرصة، خلال فترة التمرد على عثمان. المغيرة بن شعبة نصح علياً فى الحوار السابق بأن يتعامل تعاملاً سياسياً مع أمر واقع، لكن على حوّل ما هو سياسة إلى دين، فاعتبر الإبقاء على معاوية -خصمه الأهم- نوعاً من قبول الدنية فى الدين والدنيا، رغم أن معاوية سبق أن ولاه عمر بن الخطاب، وعندما رأى منه المغيرة هذا الإصرار تأكد أنه ليس برجل شورى، وخشية أن يغضب عليه بادر فى اليوم الثانى إلى التراجع عن رأيه والتأكيد على صحة وجهة نظر الخليفة. ذلك الذى فهمه «ابن عباس» وتستطيع أن تستخلصه من رده على سؤال على حول موضع النصيحة والغش فيما قاله المغيرة: «قال: ولِمَ نصحنى؟ قلت: لأن معاوية وأصحابه أهل دنيا فمتى ثبتهم لا يبالون من ولى هذا الأمر، ومتى تعزلهم يقولون: أخذ هذا الأمر بغير شورى وهو قتل صاحبنا، ويؤلبون عليك، فتنتفض عليك الشام وأهل العراق، مع أنى لا آمن طلحة والزبير أن يكرا عليك، وأنا أشير عليك أن تثبت معاوية، فإن بايع لك فعلى أن أقلعه من منزله، وقال على: والله لا أعطيه إلا السيف!». كما رفض على بن أبى طالب نصيحة المغيرة، رفض نصيحة «ابن عباس» وأصر على رأيه بمواجهة معاوية ولو بالسيف!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نصحك فى الأولى وغشك فى الثانية نصحك فى الأولى وغشك فى الثانية



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:14 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

محمد صلاح يتصدر قائمة أفضل 10 مهاجمين في أفريقيا
  مصر اليوم - محمد صلاح يتصدر قائمة أفضل 10 مهاجمين في أفريقيا

GMT 20:01 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أنغام تطلق فيديو كليب «تيجي نسيب» بتقنية Dolby Atmos لأول مرة
  مصر اليوم - أنغام تطلق فيديو كليب «تيجي نسيب» بتقنية Dolby Atmos لأول مرة

GMT 09:38 2024 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

أفضل ماركات العطور النسائية للخريف

GMT 01:24 2018 الخميس ,28 حزيران / يونيو

تذبذب أسعار الدواجن في الأسواق المصريةالخميس

GMT 21:46 2016 الإثنين ,14 آذار/ مارس

تعرَف على جمال مدينة "دهب" جنوب سيناء

GMT 18:21 2024 الثلاثاء ,06 شباط / فبراير

أهمية تناول المكملات الغذائية يومياً

GMT 10:03 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار تنسيق موديلات عبايات أسود وذهبي للمناسبات

GMT 00:30 2021 الأربعاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

عطل في تطبيق جيميل Gmail والمستخدمون يلجأون لتويتر

GMT 09:01 2021 الأربعاء ,08 أيلول / سبتمبر

ليلى طاهر تعلن اعتزالها التمثيل دون رجعة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon