توقيت القاهرة المحلي 21:12:51 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حين وسوست إليه..!

  مصر اليوم -

حين وسوست إليه

بقلم: د. محمود خليل

تشاركت «أميمة» زوجة «أدهم» مع أخيه «إدريس» طريد البيت الكبير فى الوسوسة إليه باقتحام خلوة الأب والاطلاع على وصيته والكيفية التى وزَّع بها أحكاره وأملاكه على أولاده والشروط التى وضعها لتناول كل منهم لميراثه. استجاب «أدهم» لوسوستها -كما يحكى نجيب محفوظ فى «أولاد حارتنا»- وتسلل إلى الخلوة، وكان ما كان حين ضبطه أبوه قبل أن يقرأ حرفاً منها. اعترف «أدهم» أمام أبيه بأن «إدريس» هو مَن طلب منه الاطلاع على حجة الوقف وأرشده إلى مكانها، وأن أميمة هى التى أغرته بالإقدام على هذا الفعل الأثيم.

أدهم المصرى قد يبدو مستبداً مسيطراً على زوجته كما وصف نجيب محفوظ، حين شرع فى سرد الكيفية التى عامل بها «أدهم» بطل الحكاية الأولى فى «أولاد حارتنا» زوجته بعد الطرد من بيت الكبير، لكنه لم ينسَ أن يكشف عن ملمح مهم فى علاقة الزوج بالزوجة داخل المجتمع المصرى. فالزوج يبدو مسيطراً على زوجته يوجهها كيفما وأينما شاء، وربما استسلمت الزوجة لذلك فى العلن وأمام الأهل والمعارف والأصحاب والأقارب، لكن الأمر يبدو عكسياً فى غير ذلك من مواقف. فالزوجة تمتلك القدرة على التأثير على زوجها وتوجيهه إلى ما يتناقض مع أفكاره وقناعاته، تماماً مثلما فعلت «أميمة» مع «أدهم» حين تمكنت من إقناعه بأن يسير فى طريق لم يتصور أن يسير فيه فيعصى جبار البيت الكبير وينساق وراء إغرائها ويندفع إلى اقتحام خلوة الأب للاطلاع على وصية الوقف.

يقول «شابرول» فى معرض تحليله لعلاقة الزوج بالزوجة فى كتاب «وصف مصر»: «نخطئ على نحو كبير إذا ما اعتقدنا أن المسلمات -برغم خضوعهن لنفوذ أزواجهن- يمكن أن يعاملن باستبداد وطغيان من قِبل أزواجهن، فإن وضعهن على العكس من ذلك طيب لحد كبير، كما أنهن فى نفس الوقت الذى تقضى فيه التقاليد والقوانين عليهن بنوع من الانسحاب والتقوقع الدائم يتوصلن لامتلاك نفوذ لا شك فيه على عقول أزواجهن، كما أن هؤلاء لا يستطيعون أن يسيئوا معاملتهن بل ولا حتى أن ينهروهن بحدة، إذ الزوجة فى هذه الحالة أو تلك تطلب الانفصال وتعود إلى بيت أبيها».

تأثير الزوجة على عقل «آدم المصرى» يبدو نسبياً تبعاً لاختلاف البيئات وتغاير الظروف. وقد كشف نجيب محفوظ فى «أولاد حارتنا» أن هذا التأثير كان حاضراً بقوة عندما كان الزوجان يعيشان فى البيت الكبير، لكن الأمر اختلف وبدأ «أدهم» ينفلت من عقاله بعد طردهما من البيت، وعاش حياته يعلق مأساة طرده من نعيم البيت الكبير فى رقبة «إدريس» الطاغية الذى لا يقدر عليه، وامرأته «أميمة» التى وسوست فى أذنه، لكن لعنه المستمر لأميمة لم يمنعه من العودة إلى مشورتها والخضوع لخططها فى مواقف متنوعة بعد ذلك، كما حكى نجيب محفوظ فى روايته البديعة.

المشهد المعيش يقول إن المساحات التى تحتلها المرأة فى عقل الرجل وقدرتها على توجيه تفكيره تزايدت فى ظل سيطرة «الثقافة الاستهلاكية» على حياة المصريين. فالاستهلاك أصله «تطلُّع»، ولا خلاف على أن التطلُّع شرك بين الرجل والمرأة، ولكن فى مواقف عديدة تجد المرأة المحرك الأول له.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حين وسوست إليه حين وسوست إليه



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:14 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

محمد صلاح يتصدر قائمة أفضل 10 مهاجمين في أفريقيا
  مصر اليوم - محمد صلاح يتصدر قائمة أفضل 10 مهاجمين في أفريقيا

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 20:01 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أنغام تطلق فيديو كليب «تيجي نسيب» بتقنية Dolby Atmos لأول مرة
  مصر اليوم - أنغام تطلق فيديو كليب «تيجي نسيب» بتقنية Dolby Atmos لأول مرة

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 09:57 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

دليل بأهم الأشياء التي يجب توافرها داخل غرفة المعيشة

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 10:52 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

GMT 10:12 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز 5 ضحايا لهيمنة ميسي ورونالدو على الكرة الذهبية

GMT 09:36 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الدلو

GMT 01:58 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الكهرباء

GMT 10:39 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

أبوظبي وجهة مثالية لقضاء العطلة في موسم الشتاء الدافئ

GMT 03:57 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

8 منتخبات عربية في صدارة مجموعات تصفيات كأس العالم 2026
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon