توقيت القاهرة المحلي 15:37:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

البعد عن إغضاب "الأداهم"

  مصر اليوم -

البعد عن إغضاب الأداهم

بقلم: د. محمود خليل

كان لمبارك وجه وطلة أثارت شغف المصريين بإطلاق النكات، لكن الملامح لم تكن تنبئ بحال عن حقيقة الشخصية المركبة التى امتاز بها الرجل. سُئل «مبارك» من بعض الصحفيين الأمريكيين فى أول زيارة يقوم بها إلى الولايات المتحدة الأمريكية -بعد تولِّى الحكم- حول هويته السياسية وهل هو أقرب إلى عبدالناصر أم إلى السادات، فأجاب بعبارته الشهيرة: «اسمى حسنى مبارك». الإجابة تقول إن الرجل أراد التأكيد أنه يملك شخصية مختلفة عن سلفَيه الراحلين. وهى إجابة تحمل جانباً لا بأس به من الحقيقة. فقد كان «مبارك» بالفعل مختلفاً.

بدا صوت «مبارك» -وهو يطل على الأداهم- هادئاً مقارنة بصوت جمال عبدالناصر المفعم بالحماسة والهادر فى قوة وثقة، وصوت أنور السادات وما اتسم به من عصبية فى أحوال الغضب. صوت «مبارك» كان مرتكزاً وبارداً وبريئاً من الانفعال. بدت خطابات «مبارك» أيضاً أكثر انضباطاً من سلفَيه. فقد ظل يحرص على تلاوة رسالته إلى الأداهم من نص مكتوب، نادراً ما يخرج عنه، خلافاً لسلفَيه الأكثر ميلاً إلى الارتجال وإلى الحكى. كان لدى عبدالناصر والسادات ما يمكن أن يحكياه لأهل الأدهمية، وكان الأهلون يتسلون بهذه الحكايات، بسبب شغفهم بالحكاوى، أما الرئيس الجديد فليس لديه حكاوى يمكن أن يشنف بها الآذان، بسبب غلَبة الطابع الوظيفى على تجربته الحياتية.

لم يكن مبارك -خلافاً لناصر والسادات- يحب المفاجآت، بل يميل إلى ترك الأمور تسير كما تسير. عاش الأداهم فى ظل حكم عبدالناصر العديد من الأحداث الكبرى، شملت قرارات وحروباً وتحولات اجتماعية واقتصادية كبرى، والأمر نفسه ينطبق على عصر السادات الذى عجَّ بالمفاجآت التى أدار بعضها رؤوس الأداهم وأفقدها توازنها لبعض الوقت. فى المقابل بدت شخصية الرئيس الجديد مختلفة، حيث أشارت سيرته الأولى فى الحكم إلى أنه يريد ترك كل شىء على ما هو عليه، فترك عجلة حكم الرئيس السادات تكمل سيرها تحت مظلة النظام الجديد. ويبدو أنه اعتبر أن تغيير الاتجاه قد يؤدى إلى مفاجآت غير مأمونة العواقب. كانت كلمتا «التنمية والاستقرار» الأكثر تداولاً على لسان «مبارك» خلال سنىّ حكمه الأولى. وهما كلمتان ثقيلتان فى الميزان الأدهمى. فهو يريد تنمية تنعش حياته بعد أن وصلت قدرته الشرائية إلى طريق مسدود وتردَّت الخدمات بصورة غير مسبوقة أواخر عصر السادات، وهو يخشى القلاقل والاضطرابات لأنه تعوَّد الحياة الهادئة المستقرة حتى ولو كانت راكدة ساكنة.

تجربة الأعوام الثلاثين من حكم «مبارك» للأدهمية تقول إنه تأثر بشكل واضح بتجربة «السادات» وبدت الكثير من توجهاته السياسية والاقتصادية مداً للعديد من الخطوط التى بدأت فى عصر الرئيس السابق، لكنه كان حريصاً كل الحرص على الابتعاد عن بعض الأمور التى ورَّط فيها السادات نفسه وكانت سبباً فى غضب الأداهم عليه، فبدأ عصره بالإفراج عن معتقلى سبتمبر، كما حكيت لك، ولم يتهور فى اتخاذ قرارات أخرى تقلق الأداهم، مثل إلغاء الدعم أو زيارة إسرائيل، بالإضافة إلى ملفات أخرى بدا فيها حريصاً على إيثار السلامة والبعد عن إغضاب «الأداهم».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البعد عن إغضاب الأداهم البعد عن إغضاب الأداهم



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:38 2024 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

أفضل ماركات العطور النسائية للخريف

GMT 01:24 2018 الخميس ,28 حزيران / يونيو

تذبذب أسعار الدواجن في الأسواق المصريةالخميس

GMT 21:46 2016 الإثنين ,14 آذار/ مارس

تعرَف على جمال مدينة "دهب" جنوب سيناء

GMT 18:21 2024 الثلاثاء ,06 شباط / فبراير

أهمية تناول المكملات الغذائية يومياً

GMT 10:03 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

أفكار تنسيق موديلات عبايات أسود وذهبي للمناسبات

GMT 00:30 2021 الأربعاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

عطل في تطبيق جيميل Gmail والمستخدمون يلجأون لتويتر

GMT 09:01 2021 الأربعاء ,08 أيلول / سبتمبر

ليلى طاهر تعلن اعتزالها التمثيل دون رجعة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon