توقيت القاهرة المحلي 10:17:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

من «سلطان» إلى «جهيمان»

  مصر اليوم -

من «سلطان» إلى «جهيمان»

بقلم: د. محمود خليل

فى 20 من نوفمبر الجارى يمر 40 عاماً كاملة على حادث احتلال «جهيمان العتيبى» وأنصاره للحرم المكى (1979). ذلك الحدث الذى زلزل أمة الإسلام من مشرقها إلى مغربها وواجهه المسلمون الذين عاصروه بحالة غير مسبوقة من الذهول والدهشة. ولكى نفهم أبعاد «واقعة جهيمان» بصورة أعمق لا بد أن نعود إلى الوراء (أى قبل عام 1979) 68 عاماً لكى نسترجع المشهد داخل نجد والحجاز ونفاجأ مع مطلع العقد الثانى من القرن العشرين وتحديداً عام 1911 بظهور جماعة تُدعى «الإخوان» -قبل ظهور جماعة الإخوان فى مصر عام 1927 بسنين- كانت عبارة عن ميليشيا مسلحة انضمت إليها عدة قبائل تبنَّت الفكر الوهابى ورفعت شعارات: الجهاد، والولاء والبراء، وغير ذلك من مصطلحات تسكعت فيما بعد داخل أدمغة أمراء الجماعات الإسلامية على اختلاف أشكالها وألوانها.

فى الوقت الذى ظهرت فيه جماعة «الإخوان» أو «إخوان من أطاع الله» -كما أطلق عليها فى أحوال- كان الملك عبدالعزيز آل سعود مؤسس الدولة السعودية الثالثة قد بدأ صراعاً مريراً مع أسرة «آل رشيد» التى كانت تسيطر على نجد وحائل. وقد هداه فكره إلى الاستعانة بالوهابيين المتعصبين من «الإخوان» وكوَّن منهم ميليشيا مسلحة أطلق عليها «جيش الإخوان» ساعدته بكل طاقتها وحماسها الذى كان يرقى فى بعض الأحوال إلى مرتبة التعصب الدينى الشديد فى القضاء على دولة «آل رشيد» والسيطرة على الجزيرة العربية. ورغم العلاقة الوطيدة التى ربطت بين الطرفين فإن الملك عبدالعزيز بدأ يشعر منذ عشرينات القرن الماضى بأن «جيش الإخوان» أصبح عبئاً عليه، بسبب رفعهم لشعار «الثورة المستمرة» و«جهاد لا يتوقف» فى وقت توجَّه فيه إلى التفاهم مع بريطانيا والعديد من القوى الإقليمية الأخرى لإقامة علاقات متوازنة معها. وفى مواجهة رفض «الإخوان» للتوجه الجديد اتجه الملك عبدالعزيز إلى سحقهم، وبدأ فى الاستعانة بالوهابيين الأقل تعصباً والأكثر قدرة على تفهُّم خطواته الاحتوائية فى سبيل توطيد أركان ملكه. وكان من أكثر المعارضين للتوجه الجديد للملك عبدالعزيز «سلطان بن بجاد» زعيم قبيلة عتيبة، وكانت تشكل ضلعاً مهماً من أضلاع «جيش الإخوان»، لكن الملك استطاع القضاء على تمرده لينتهى عصر «إخوان من أطاع الله».

عندما وصلنا إلى عام 1979 كان قد مر على تمرُّد سلطان بن بجاد العتيبى على الدولة السعودية ما يقرب من نصف قرن من الزمان، حين تسلل جهيمان العتيبى وأنصاره مع فجر الأول من شهر المحرم عام 1400 هجرية إلى المسجد الحرام ليعلن ظهور المهدى المنتظر «محمد بن عبدالله القحطانى» ويدعو المسلمين داخل الحرم إلى مبايعته. انتشر أتباع «جهيمان» بعد ذلك فى أنحاء الحرم شاهرين السلاح وأغلقوا أبوابه وأسروا كل مَن فيه، وزُلزل العالم الإسلامى جراء الخبر الخطير. والسؤال هل ثمة علاقة بين لقب «العتيبى» الذى حمله «جهيمان» واللقب ذاته الذى حمله سلطان بن بجاد أحد أقطاب جيش الإخوان فى عهد الملك عبدالعزيز؟ قد يذهب البعض إلى أن المسألة لا تعدو التشابه فى اللقب أو الانتماء إلى ذات القبيلة، وهو كلام صحيح، لكن من المهم ألا نهمل أن كليهما تبنى فكراً «إقصائياً» واضحاً أسسه على «إيمان وهابى» بفكرة «الجهاد الذى لا يتوقف» والتعصب السلفى، وسوف تثبت الأحداث أن «جهيمان» لم يكن -وهو يحتل الحرم- بعيداً عن «سلطان».

وقد يهمك أيضًا:

الحالمون والواقعيون

الضابط النبيل

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من «سلطان» إلى «جهيمان» من «سلطان» إلى «جهيمان»



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 04:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
  مصر اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon