توقيت القاهرة المحلي 21:39:37 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«أدهم» العاطفى

  مصر اليوم -

«أدهم» العاطفى

بقلم: د. محمود خليل

تجربة المماليك فى حكم مصر التى تواصلت لقرون مديدة من الزمن كانت من التجارب الموجعة للمصريين، فقد عانوا الكثير من مظالم حكامهم، نعم ظهر من بين هؤلاء الحكام مَن سار بالعدل بين المصريين ودافع عن البلاد دفاعاً مستميتاً، إلا أن الكثير منهم سلكوا غير هذا المسلك فأرهقوا الشعب بالفرض والمغارم وحاصروه بالنهب والسلب وتركوه فريسة للشطار والعيارين ليستولوا على ما تبقى لديه من فتات، ويبدو أن ميزتهم الكبرى فى نظر هذا الشعب أنهم لم يتدخلوا فى شئونه وتركوه يعيش الحياة كما يهوى، يعمل أو يقعد، يدخن أو يتخدر، يصلى أو يصوم أو يتصوف، ينغمس فى الموالد ويستغرق فى الاحتفاليات أو يتمرغ وراء درويش أو رجل من أحباب الله، يتمدد على باب داره أو ينام فى الجامع كما ينام فى البيت، يبنى مقابره إلى جوار مساكنه، يسرق مَن يسرقه أو ينهب مَن ينهبه دون أن تطاله يد. أكثر ما كان يؤرق «أدهم المصرى» فى ظل الحكم المملوكى الفرض والمغارم التى كانت تحرمه من الحياة المسترخية التى لا تتطلب منه بذل مجهود كبير، بالإضافة إلى غياب الأمن وجعله عُرضة للاستباحة فى أى وقت.

هذا الفريق الذى عاش وتناسل فى مصر من المماليك مثّل الخصم السياسى الأكبر لمحمد على، وكاد يطيح به خلال السنوات الأولى لحكمه لولا تدخُّل الأقدار ووفاة الضرس المملوكى الكبير محمد الألفى. فى عام 1811 كان الباشا قد أمضى 6 أعوام كاملة والياً على مصر، حين قرر التخلص من المماليك فى ضربة واحدة، وتم له المراد خلال المأدبة الكبيرة التى أقامها بالقلعة احتفالاً بخروج جيش ولده «طوسون» إلى الجزيرة العربية لقتال الوهَّابيين. تعلم التفاصيل التى أحاطت بهذا الحدث الكبير، لكن ثمة تفصيلة يصح أن نتوقف أمامها ونحن نحلل شخصية «أدهم المصرى»، وتتمثل فى ردة الفعل الشعبى على المذبحة الكبرى للمماليك.

يتحدث «الجبرتى» بقدر من التعاطف وهو يصف أحداث المذبحة ويقول: «وأسرف الجنود فى قتل المصريين -يقصد المماليك المصرية- وسلب ما عليهم من الثياب ولم يرحموا أحداً يظن الالتجاء به والاحتماء فيه، فأظهروا كامن حقدهم وضبعوا فيهم». ويشير «الجبرتى» إلى أن دور أولاد البلد من المصريين فى هذه المذبحة لم يزد على دور المشاهد أو المتفرج، ويقول: «عندما أغلق باب القلعة وسمع مَن بالرميلة الرصاص وقعت الكرشة (الفزع) فى الناس، وهرب من كان واقفاً بالرميلة من الأجناد فى انتظار الموكب، وكذلك المتفرجون، واتصلت الكرشة بأسواق المدينة فانزعجوا وهرب مَن كان بالحوانيت لانتظار الفرجة، وأغلق الناس حوانيتهم، وليس لأحد علم بما حصل، وظنوا ظنوناً». هكذا الشعوب دائماً تميل إلى «الفرجة»، ولكن عندما يحتدم الأمر ويحصل التهديد، تهرول إلى الاختباء.

كذلك حال «أدهم المصرى» فمثله كمثل أى إنسان يدفعه الخوف إلى الاختباء. ومن عجيب خصاله أنه يبادر إلى التعاطف وقت الموت حتى مع مَن يصنفهم فى فئة «الظالمين له»، لكن من جهة أخرى لا بد من التنبه إلى أن التعاطف الذى أبداه بعض المصريين مع المماليك حينذاك مثّل الوجه الآخر لتعبير قطاع من «الأوادم» المصريين عن عدم رضائهم عن الإجراءات التى ترتبت على الخطوات النهضوية التى تبنَّاها الوالى محمد على أوائل سنى حكمه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«أدهم» العاطفى «أدهم» العاطفى



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:14 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

محمد صلاح يتصدر قائمة أفضل 10 مهاجمين في أفريقيا
  مصر اليوم - محمد صلاح يتصدر قائمة أفضل 10 مهاجمين في أفريقيا

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 20:01 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أنغام تطلق فيديو كليب «تيجي نسيب» بتقنية Dolby Atmos لأول مرة
  مصر اليوم - أنغام تطلق فيديو كليب «تيجي نسيب» بتقنية Dolby Atmos لأول مرة

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 09:57 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

دليل بأهم الأشياء التي يجب توافرها داخل غرفة المعيشة

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 10:52 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

GMT 10:12 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز 5 ضحايا لهيمنة ميسي ورونالدو على الكرة الذهبية

GMT 09:36 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الدلو

GMT 01:58 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الكهرباء

GMT 10:39 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

أبوظبي وجهة مثالية لقضاء العطلة في موسم الشتاء الدافئ

GMT 03:57 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

8 منتخبات عربية في صدارة مجموعات تصفيات كأس العالم 2026
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon