توقيت القاهرة المحلي 20:27:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«أدهم» يبحث عن «مخلص»

  مصر اليوم -

«أدهم» يبحث عن «مخلص»

بقلم: د. محمود خليل

المشهد شديد الارتباك الذى ضرب مصر بعد خروج الحملة الفرنسية سبب انزعاجاً شديداً لـ«آدم المصرى». فأول والٍ اعتلى السلطة بعد خروج الفرنسيين (خسرو باشا) لم يمكث فى الحكم أكثر من عام، ثم لاذ بدمياط هرباً من المشكلات الاقتصادية التى وجد نفسه عاجزاً عن حلها، وتولى السلطة من بعده طاهر باشا ولم يدُم حكمه أكثر من 26 يوماً، انتهت بقطع رأسه على يد اثنين من الانكشارية، أما على باشا الجزايرلى الذى تولى الحكم بعد «طاهر» فقد استدرجه المملوك عثمان البرديسى وقتله، ليثب على ولاية مصر من بعده خورشيد باشا. وقد بالغ الأخير فى الضغط على الرعية بالفرض والمغارم، والسلب والنهب والمطاردة، وإزهاق الأرواح.

أمام هذا الانزعاج لم يجد «أدهم المصرى» مفراً من التحرك وترك التمدد على الأرائك والأسرَّة وفوق الأرض. أدرك أن مشكلته الجوهرية تتحدد فى ترك المشهد لأمراء المماليك والترك والأرنؤوط ليقرروا مصيره، وأن الحل أن يتدخل هو كفاعل ليقرر مصيره بيدَيه. وكانت المفاجأة. فى زمن «خورشيد» هرع الأهالى إلى المشايخ -وعلى رأسهم نقيب الأشراف عمر مكرم- والتفوا حولهم ووضعوا أنفسهم تحت إمرتهم حتى يضعوا حداً لحالة السوء التى وصلت إليها البلاد والعباد. فى هذا التوقيت كان الضابط الألبانى محمد على يعرب عن أسفه وحزنه للحال التى وصل إليها الأهالى، والظلم الذى يتعرضون له من جميع الأطراف المتصارعة على الحكم فى البلاد. وأمام هذا العطف والتعاطف كان من الطبيعى أن تشير الأصابع إلى الرجل كوالٍ مثالى للبلاد يستطيع أن يُقيل عثرتها ويحقق لـ«أدهم المصرى» حلمه القديم المتجدد فى «الحديقة والناى». ولست بحاجة إلى سرد تفاصيل تعرفها عن الكيفية التى تولى بها محمد على الحكم والدور الذى لعبه الأهالى فى حمايته، والدفاع عنه ضد محاولات الباب العالى الإطاحة به وتعيينه والياً على أى بقعة أخرى غير الأرض المصرية.

تسلم محمد على البلاد فى وقت كانت أوضاع الشعب فيه يرثى لها، وكان خلافاً لغيره من الولاة الذين سبقوه يمتلك رؤية لشكل مصر التى يحلم بها، ومشروعاً يحدد أدوارها فى المنطقة، وأدوات تمكنه من الوصول إلى هدفه، لكن حسبة الرعية من المصريين حينذاك كانت بعيدة كل البعد عما يجول فى رأس محمد على، فقد كان تركز حلمها فى والٍ عادل يقلل المغارم والضرائب المفروضة عليهم ويقيم الأمن فى البلاد ويمنع عمليات السلب والنهب الممنهج التى يمارسها أمراء المماليك عليهم. ذلك هو الحلم الذى كان يسيطر على عقل وخيال «أدهم المصرى» بعد أن ذاق الأمرَّين طيلة أربع سنوات تفصل بين خروج الحملة الفرنسية وولاية محمد على، وتراكمت ظروف أدت إلى حرمانه من تحقيق الرزق الذى يساعده على الخلود إلى الراحة والتمتع بالحمامات العمومية والجلوس على المقاهى والتدخين، أو تمنعه من الحياة الحقيقية كما سمَّاها أدهم بطل الحكاية الأولى فى رواية «أولاد حارتنا»، حياة الاسترخاء والتمدد على عشب الحديقة وسماع الناى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«أدهم» يبحث عن «مخلص» «أدهم» يبحث عن «مخلص»



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 04:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
  مصر اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 23:00 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

البيت الأبيض يصف كتاب "بوب وودورد" بأنه "قصص ملفقة"

GMT 09:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار في الديكور للحصول على غرفة معيشة مميزة في 2025
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon