توقيت القاهرة المحلي 10:17:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

اللعب فى «زوارق الحكومة»

  مصر اليوم -

اللعب فى «زوارق الحكومة»

بقلم: د. محمود خليل

خلال فترتى الثلاثينات والأربعينات عمدت العديد من الأحزاب والقوى السياسية إلى تشكيل فرق عسكرية تابعة لها، فكان للوفد فريق «القمصان الزرقاء»، وكان لمصر الفتاة فريق «القمصان الخضراء»، حتى الملك كان له فريق عسكرى تابع له هو فريق «الحرس الحديدى». وكانت هذه الفرق مصدر جذب لشباب الأداهم من المصريين الذين رأوا فيها ساحة جيدة لمداعبة حلم القوة والسيادة. بعض هذه الفرق كان يتوجه بجهده لمقاومة المحتل الإنجليزى أو الانتقام من أذنابه، وأغلبها لم يمارس فعل القوة بدوافع دينية بل بدوافع وطنية بحتة. وكل هذه الفرق تشكلت بعد أن بذر حسن البنا بذرة الجوالة التى أدت منذ البداية كفرق شبه عسكرية، وتعمَّد «البنا» أن يجعل فرقه تابعة لجمعية الكشافة الحكومية حتى يتحرك بأمان وفى الوقت نفسه يستفيد مما تتيحه الحكومة من مزايا للفرق الكشفية التابعة لها.

تقول حقائق التاريخ إن حسن البنا انتقل إلى القاهرة عام 1933 واختار داراً بحى الناصرية بالسيدة زينب لتكون أول مركز عام للجماعة. يذكر المؤرخ الأول للإخوان محمود عبدالحليم فى كتابه «أحداث صنعت التاريخ» أن الدار الأولى للإخوان بحى الناصرية شهدت البدايات الأولى لعسكرة الجماعة، من خلال إجراء تدريبات على أسلحة هيكلية، ويعنى ذلك أن حسن البنا أول مَن فكر فى تكوين فرق شبه عسكرية لتشكل ذراع قوة قادرة على تأديب خصوم الجماعة. وليس من المستبعد أن يكون قد استلهم تجربة الحزب الوطنى والاغتيالات السياسية التى كانت تقوم بها جماعات منه وهو يخطط لإنشاء هذه الذراع. وليس هناك خلاف على أن الحزب الوطنى الذى أسسه مصطفى كامل عام 1907 كان له فرق اغتيالات تابعة له، لكنها كانت توجه عنفها إلى الاحتلال وداعمى مشروعاته للبقاء فى مصر ليس أكثر، أما حسن البنا فقد دفع «الأداهم» إلى ممارسة العنف ضد كل مَن يقف فى طريق الجماعة إلى السلطة والسيطرة على الأمور.

ظهرت جمعيات القمصان الزرقاء والخضراء التابعة لكل من الوفد ومصر الفتاة عام 1937 بعد سنوات قليلة من ظهور فرق الجوالة الإخوانية وتحولها إلى كتائب شبه عسكرية، وبدأت هى الأخرى تمارس العنف ضد الخصوم، ووقع صدام دامٍ بين جمعيتى القمصان الزرق الوفدية والخضر التابعة لمصر الفتاة نتج عنه مصرع شابين، ومع هذه الواقعة بدأ التفكير فى حل هذه الجمعيات. وأصبح قرار الحل محسوماً بعد اعتداء عدد من شباب القمصان الزرقاء على قصر محمد باشا محمود رئيس الحكومة، فاستصدر الباشا مرسوماً أواخر 1937 يمنع عمل وإنشاء التشكيلات شبه العسكرية فى مصر. التشكيل الوحيد الذى تم استثناؤه من هذا القرار هو «جوالة الإخوان» لأنها كانت تابعة للحكومة وتعمل ضمن نظام «الكشافة» الرسمى.

علَّم «البنا» الأداهم الذين تحلقوا حوله اللعب من داخل «زوارق الحكومة» لأن ذلك يعطيهم ضمانة كافية للاستمرار من ناحية، ويمكنهم من لدغها حين يقررون ذلك من ناحية أخرى. وليس أدل على ذلك من عمله مع القصر والإنجليز ودعمه للحكومات الديكتاتورية التى ولدت من رحم أحزاب الأقلية. والمثال على ذلك دعمهم لحكومة إسماعيل صدقى رجل الأجانب والمدافع الأبرز عن مصالحهم فى مصر، الرجل الذى وجه حسن البنا «الأداهم» للهتاف باسمه مستخدمين الآية القرآنية التى تقول: «وَاذْكُرْ فى الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَّبِياً».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اللعب فى «زوارق الحكومة» اللعب فى «زوارق الحكومة»



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon