توقيت القاهرة المحلي 10:38:32 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الذراع «الإسرائيلية» الطويلة

  مصر اليوم -

الذراع «الإسرائيلية» الطويلة

بقلم: د. محمود خليل

تعرف إسرائيل متى ومن أين تؤكل الكتف، فى حين يظل العرب كعادتهم شغوفين بالخسارة أكثر من شغفهم بأى شىء آخر فى الدنيا. زمان كان يقابل أى تحرك إسرائيلى فى الأراضى الفلسطينية المحتلة باحتجاجات رسمية وشعبية صاخبة. كنا نكتب عاتبين على آلة السياسة العربية التى لا تجيد إلا لغة واحدة فى التعامل مع المحتل، هى لغة الشجب والإدانة. اليوم اختلف الأمر برمته، فأصبح العربى أصم لا يسمع، أبكم لا يتكلم، ولم يعد له أى رد فعل ضد التحركات الإسرائيلية حتى ولو كانت جنونية فوق الأراضى الفلسطينية المستباحة.

ها هى إسرائيل تعلن -بالتوافق مع الولايات المتحدة الأمريكية- عزمها على ضم أجزاء كبيرة من أراضى الضفة الغربية. الكلام يتردد بقوة فى وسائل الإعلام العربى والأجنبى، لكن العربى لا يلتفت -لا رسمياً ولا شعبياً- فالكل مشغول بمواجهة جائحة كورونا وتداعياتها الاقتصادية، وغارق فى التخطيط للمواجهات العربية العربية التى أصبحت جزءاً لا يتجزأ من ثقافة العمل السياسى فى منطقتنا العربية. كالعادة أجادت إسرائيل اختيار التوقيت، فى حين فقد العربى إحساسه بالزمن وحركة التاريخ. فالكل ينظر أسفل قدميه ولا يلتفت إلى «الأسوأ القادم» من ناحية إسرائيل، فشهية إسرائيل مفتوحة دائماً إلى الابتلاع، وحاجتها إلى التوسع والتغلغل فى كل اتجاه لا تتوقف، وأيديها تمتد إلى المنطقة وتقتنص كل ما تصل إليه من أرض أو ثروات، وأقدامها تخطو بسرعة نحو مناطق جديدة لبناء شبكات العلاقات والمصالح التى تأتى دائماً على حساب العرب، مثلما يحدث فى أفريقيا!.

أكبر وأهم خطوة نجحت فيها إسرائيل تمثلت فى عملية الخداع الاستراتيجى للعرب التى أقنعتهم من خلالها بأنها ليست عدواً يريد بهم سوءاً، وساعدتهم على اختراع أعداء جدد، والأعداء الجدد مختلفون تبعاً لهوى كل دولة وتفضيلاتها، ونتيجة لذلك أصبحت الساحة خالية لصانع القرار الإسرائيلى ليعربد فى كل اتجاه. وما ينطبق على الدول العربية ينطبق أيضاً على الدول الإسلامية على اختلاف مواقعها وتوجهاتها. الفلسطينيون هم الآخرون نجحت إسرائيل فى قسمتهم على اثنين، وأصبح كل طرف منهما يجد فى الآخر عدواً بديلاً. نعم تحركت فتح وحماس خلال الأيام الأخيرة بحثاً عن خطوة للتوحد فى مواجهة المطامع الإسرائيلية، لكن التحرك جاء كالعادة متأخراً.

المطالع لتاريخ الصراع العربى الإسرائيلى منذ حرب 1948 يشعر أن العرب يتحركون بإحساس أن «قدرهم الخسارة»، فى حين يتحرك الإسرائيليون بشعور أن «قدرهم المكسب». المسألة فى الأول والآخر ليست أقداراً مكتوبة، بل إرادة بشرية تتحول إلى واقع تبعاً للسنن الكونية. العرب والمسلمون والفلسطينيون ضعاف فى حسابات التاريخ والجغرافيا، ولا يستوعبون أن الذراع الطويلة تلتقط كل ما يمكن أن تصل إليه، والتجربة تقول إن جدول المطامع الإسرائيلية مرتب ولا يعرف سوى التركيز على موضوع واحد، وما إن يفرغ منه وينال المراد حتى ينتقل إلى الموضوع الذى يليه، وهكذا دواليك.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الذراع «الإسرائيلية» الطويلة الذراع «الإسرائيلية» الطويلة



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon