توقيت القاهرة المحلي 10:38:32 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كورونا و«حال السياسة»

  مصر اليوم -

كورونا و«حال السياسة»

بقلم: د. محمود خليل

لم تتوقف الأقلام، ولا كفّت الألسنة خلال الأسابيع الماضية عن الحديث عن التأثيرات الاقتصادية لجائحة كورونا. وهى فى المجمل تأثيرات سلبية حقيقية وكل دول العالم –من أوله إلى ثالثه- تعانى منها. وثمة شعرة رفيعة وضعيفة للغاية تفصل بين الاقتصاد والسياسة. فالأوجاع الاقتصادية غالباً ما تكون لها ترجمة سياسية، خصوصاً فى حالة تزايد الضغوط المعيشية، وهو أمر يجب أن تلتفت إليه الحكومات الحصيفة.

فى الولايات المتحدة الأمريكية –وهى واحدة من كبريات الدول على مستوى الاقتصاد والسياسة والعلم والتكنولوجيا– اندلعت مظاهرات عارمة وعنيفة على هامش مصرع المواطن جورج فلويد على يد رجل شرطة. وأذكر أننى قلت لك إن هذه المظاهرات ليس مردّها مقتل مواطن صاحب بشرة سمراء خنقاً تحت ركبة شرطى، وأن ثمة أسباباً أعمق تقف وراءها، تتعلق بالأوضاع الاقتصادية والمعيشية الضاغطة التى تعرضت لها نسبة لا بأس بها من الأمريكيين، نتيجة توقف عجلة الاقتصاد جراء الإجراءات الاحترازية لمواجهة فيروس كورونا. واللافت أن المواطن الأمريكى الذى كان بالأمس يختبئ من كورونا ويخشى عدواها، نسى الأمر بُرمته واندفع إلى الشارع والتحم بالمظاهرات الحاشدة، فى اللحظة التى ذابت فيها الشعرة بين الاقتصاد والسياسة. الأمر نفسه ينطبق على المواطن الأوروبى الذى اندفع هو الآخر إلى المشاركة فى المظاهرات المتضامنة مع جورج فلويد. خرج الأوروبى إلى الشوارع هو الآخر يصرخ بوجيعته الاقتصادية فى شكل هيستيريا سياسية، متناسياً خوفه من كورونا وعدوى الفيروس، ودون أن يأبه بأعداد الوفيات والإصابات، تماماً مثلما نسيها المواطن الأمريكى، وكما غفل عنها –عن عمد- الشعب المكسيكى الذى خرج هو الآخر فى احتجاجات عارمة على اعتداء شرطى على مواطن.

هذه المظاهرات جميعها لها سبب مباشر، يتمثل فى تعرض مواطن لتعامل غير إنسانى من جانب الشرطة، ولها سبب عميق يتعلق بالأوجاع الاقتصادية التى يعانى منها مواطنو الدول المختلفة نتيجة إجراءات كورونا، ومن زخم الوجع الاقتصادى يبرز الوجه السياسى، وإحساس الكثيرين بالضجر نتيجة الضغوط التى تتكاثر عليهم. فالوباء يمثل ضغطاً نفسياً رهيباً على كل مواطنى العالم، وقد أصبحوا رهن «الحبسة فى البيوت»، ينهبهم القلق والتوتر وتلف الأعصاب نتيجة ما يسمعونه من أخبار رسمية وشعبية حول معدلات انتشار الوباء، وترافق مع ذلك ضغوط معيشية ليست بالهينة. ثم أتت قشة السياسة، فقصمت ظهر البعير الذى ناء بما يحمل.

قلت لك غير مرة إن الشعوب قادرة على استيعاب الكثير من الضغوط ما دامت تجد فى جعبتها مساحة للاستيعاب، لكن ما إن تمتلئ الجعبة حتى يتحول صاحبها من حال إلى أخرى بمجرد أن يضاف إليها ولو قشة صغيرة. فالعبرة هنا ليست بالحجم أو الوزن، بل بالقدرة على الاستيعاب. ذلك ببساطة ما حدث لأصحاب البشرة السمراء والبيضاء فى الولايات المتحدة الأمريكية وعدد من الدول الأوروبية والمكسيك. حكومات دول العالم المختلفة وهى منشغلة فى بحث التأثيرات السلبية لفيروس كورونا على موضوع الاقتصاد مطالبة بأن تفتح لبعض الوقت «كتاب السياسة».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كورونا و«حال السياسة» كورونا و«حال السياسة»



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon