توقيت القاهرة المحلي 21:39:37 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المرشد الأمين.. فى الدنيا والدين!

  مصر اليوم -

المرشد الأمين فى الدنيا والدين

بقلم: د. محمود خليل

الوقوف عند ظاهر الآيات أو التسليم ببعض التأويلات التى لا تتسق مع المفاهيم الأساسية التى تنتظم حولها الرؤية القرآنية، يرتبط بغلبة «الثقافة النصوصية» على العقل المسلم. «العقلية النصية» هى العقلية التى تتربى على ثقافة تقوم على عدم مجاوزة ظاهر النص إلى أعماقه بشكل يربط المؤشرات اللفظية بالسياق المفاهيمى العام داخل القرآن الكريم، وهى العقلية التى تُسقط فكرة الاجتهاد أو المخالفة أمام نصوص يصح معها الاجتهاد والمخالفة، وتدفع العقل إلى السير على قضبان لا يستطيع أن يحيد عنها حتى أمام النصوص البشرية التى لا تحمل قداسة، وإلا انقلب وتبعثر فى الهواء.

والأصل فى الثقافة النصوصية يرتبط بالمنطق الذى يحكم تعامل بعض المسلمين مع القرآن الكريم. وهو منطق يتأسس على الحفظ وليس الفهم ومحاولة تدبر واستيعاب المعانى العميقة فى آياته. وعندما يحس أصحاب هذه الثقافة برغبة فى الفهم تجدهم أبعد ما يكونون عن إعمال عقلهم فى كلام الله بل يفضلون العودة إلى الشروح التى قدمتها النصوص المولدة أو الألسنة المرددة لها. أغلب هؤلاء يؤثر العودة إلى الكتب الصفراء التى تحتشد بشروح تزعم لنفسها الإحاطة بالنص وما وراء النص والإلمام بالمعانى التى يشتمل عليها، بما فى ذلك الحاضر أو الغائب فى محيط النص إلى درجة سرد حوارات وقعت فى الملأ الأعلى وأحداث اقترنت بنزول آدم إلى الأرض وواقعة قتل قابيل لهابيل وما دار بين الملائكة وإبراهيم من حوارات حين ألقى به النمرود فى النار، وغير ذلك من أمور.

وتعد النصوص المولدة عن النص الأصلى، الأساس الذى يستند إليه العقل المسلم فى فهم معانى النص القرآنى. فهو يتعامل مع القرآن الكريم كنص جدير بالحفظ، وأن عليه أن يبتغى إليه الوسيلة من خارجه حتى يفهم معانيه ويستوعب مرامى آياته الكريمة، وذلك من خلال كتب التراث التى ورثناها عن الآباء والأجداد. ولا يخفى عليك أن هذه الكتب يختلط فيها الغث بالسمين والعقلانى باللا عقلانى والقرآنى باللا قرآنى. وأغلب ما يسكن عقول المسلمين وما تردده الألسنة من فهوم ومفاهيم عن الدين مصدرها الكتب المولدة وليس الكتاب الأصلى الذى يصرف كثير من المسلمين أغلب جهدهم إلى حفظه، ويعتمدون فى فهمه على مصادر من خارجه. تماماً مثل التلميذ البليد الذى يلجأ إلى كتب خارجية يلتمس فيها الوسيلة لفهم محتوى الكتاب المقرر، ولكن لأن الكتب الخارجية أحياناً ما تكون متخمة بالأمثلة والمسائل فإن من يلجأ إليها -دون الكتاب المقرر- يزهد فيها ويبحث عن وسيلة تتطلب منه بذل جهد أقل فى الفهم، وقد يجد ضالته فى مذكرات مختصرة، أو وريقات قليلة تختزل له المضامين وتسطحها له قدر المستطاع حتى يسهل على عقله -الذى جُبل على الحفظ- استيعابها. وما أكثر ما يكتفى فى هذا السياق باللجوء إلى داعية أو أمير أو أحد المتكلمين فى الدين ويعتبره معلمه ومرشده الأمين فى الدنيا والدين، أو بعبارة أخرى مدرسه الخصوصى لمادة الدين!.

القصة تجد جذورها لدى أقدم فرقة احتكمت إلى تأويل ظاهر الآيات القرآنية، بعيداً عن المفاهيم الكبرى التى ترتكز عليها الرؤية القرآنية، وبعيداً أيضاً عن سياق الحال وظروف الواقع، وهى فرقة «الخوارج» التى كان أكثرها من «القراء» أى حفَّاظ القرآن الكريم، وتمددت فروع القصة مع الجماعات التى نهجت نهج الخوارج فى الأخذ بظاهر الآيات القرآنية، فطرحت أفكاراً ومفاهيم حول «الجهاد» و«القتال» اعتمدت فى التأصيل لها على التأويل الظاهرى لبعض آيات الذكر الحكيم، ويأتى على رأس هذه الجماعات جماعة الإخوان التى تحورت أفكارها فيما بعد لدى جماعات عنقودية أخرى عديدة، بدأت بتنظيم الفنية العسكرية بقيادة صالح سرية عام 1974 وانتهت بتنظيم «داعش» الذى يقوده أبوبكر البغدادى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المرشد الأمين فى الدنيا والدين المرشد الأمين فى الدنيا والدين



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:14 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

محمد صلاح يتصدر قائمة أفضل 10 مهاجمين في أفريقيا
  مصر اليوم - محمد صلاح يتصدر قائمة أفضل 10 مهاجمين في أفريقيا

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 20:01 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أنغام تطلق فيديو كليب «تيجي نسيب» بتقنية Dolby Atmos لأول مرة
  مصر اليوم - أنغام تطلق فيديو كليب «تيجي نسيب» بتقنية Dolby Atmos لأول مرة

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 09:57 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

دليل بأهم الأشياء التي يجب توافرها داخل غرفة المعيشة

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 10:52 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

GMT 10:12 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز 5 ضحايا لهيمنة ميسي ورونالدو على الكرة الذهبية

GMT 09:36 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الدلو

GMT 01:58 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الكهرباء

GMT 10:39 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

أبوظبي وجهة مثالية لقضاء العطلة في موسم الشتاء الدافئ

GMT 03:57 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

8 منتخبات عربية في صدارة مجموعات تصفيات كأس العالم 2026
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon