توقيت القاهرة المحلي 20:27:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المرشد الأمين.. فى الدنيا والدين!

  مصر اليوم -

المرشد الأمين فى الدنيا والدين

بقلم: د. محمود خليل

الوقوف عند ظاهر الآيات أو التسليم ببعض التأويلات التى لا تتسق مع المفاهيم الأساسية التى تنتظم حولها الرؤية القرآنية، يرتبط بغلبة «الثقافة النصوصية» على العقل المسلم. «العقلية النصية» هى العقلية التى تتربى على ثقافة تقوم على عدم مجاوزة ظاهر النص إلى أعماقه بشكل يربط المؤشرات اللفظية بالسياق المفاهيمى العام داخل القرآن الكريم، وهى العقلية التى تُسقط فكرة الاجتهاد أو المخالفة أمام نصوص يصح معها الاجتهاد والمخالفة، وتدفع العقل إلى السير على قضبان لا يستطيع أن يحيد عنها حتى أمام النصوص البشرية التى لا تحمل قداسة، وإلا انقلب وتبعثر فى الهواء.

والأصل فى الثقافة النصوصية يرتبط بالمنطق الذى يحكم تعامل بعض المسلمين مع القرآن الكريم. وهو منطق يتأسس على الحفظ وليس الفهم ومحاولة تدبر واستيعاب المعانى العميقة فى آياته. وعندما يحس أصحاب هذه الثقافة برغبة فى الفهم تجدهم أبعد ما يكونون عن إعمال عقلهم فى كلام الله بل يفضلون العودة إلى الشروح التى قدمتها النصوص المولدة أو الألسنة المرددة لها. أغلب هؤلاء يؤثر العودة إلى الكتب الصفراء التى تحتشد بشروح تزعم لنفسها الإحاطة بالنص وما وراء النص والإلمام بالمعانى التى يشتمل عليها، بما فى ذلك الحاضر أو الغائب فى محيط النص إلى درجة سرد حوارات وقعت فى الملأ الأعلى وأحداث اقترنت بنزول آدم إلى الأرض وواقعة قتل قابيل لهابيل وما دار بين الملائكة وإبراهيم من حوارات حين ألقى به النمرود فى النار، وغير ذلك من أمور.

وتعد النصوص المولدة عن النص الأصلى، الأساس الذى يستند إليه العقل المسلم فى فهم معانى النص القرآنى. فهو يتعامل مع القرآن الكريم كنص جدير بالحفظ، وأن عليه أن يبتغى إليه الوسيلة من خارجه حتى يفهم معانيه ويستوعب مرامى آياته الكريمة، وذلك من خلال كتب التراث التى ورثناها عن الآباء والأجداد. ولا يخفى عليك أن هذه الكتب يختلط فيها الغث بالسمين والعقلانى باللا عقلانى والقرآنى باللا قرآنى. وأغلب ما يسكن عقول المسلمين وما تردده الألسنة من فهوم ومفاهيم عن الدين مصدرها الكتب المولدة وليس الكتاب الأصلى الذى يصرف كثير من المسلمين أغلب جهدهم إلى حفظه، ويعتمدون فى فهمه على مصادر من خارجه. تماماً مثل التلميذ البليد الذى يلجأ إلى كتب خارجية يلتمس فيها الوسيلة لفهم محتوى الكتاب المقرر، ولكن لأن الكتب الخارجية أحياناً ما تكون متخمة بالأمثلة والمسائل فإن من يلجأ إليها -دون الكتاب المقرر- يزهد فيها ويبحث عن وسيلة تتطلب منه بذل جهد أقل فى الفهم، وقد يجد ضالته فى مذكرات مختصرة، أو وريقات قليلة تختزل له المضامين وتسطحها له قدر المستطاع حتى يسهل على عقله -الذى جُبل على الحفظ- استيعابها. وما أكثر ما يكتفى فى هذا السياق باللجوء إلى داعية أو أمير أو أحد المتكلمين فى الدين ويعتبره معلمه ومرشده الأمين فى الدنيا والدين، أو بعبارة أخرى مدرسه الخصوصى لمادة الدين!.

القصة تجد جذورها لدى أقدم فرقة احتكمت إلى تأويل ظاهر الآيات القرآنية، بعيداً عن المفاهيم الكبرى التى ترتكز عليها الرؤية القرآنية، وبعيداً أيضاً عن سياق الحال وظروف الواقع، وهى فرقة «الخوارج» التى كان أكثرها من «القراء» أى حفَّاظ القرآن الكريم، وتمددت فروع القصة مع الجماعات التى نهجت نهج الخوارج فى الأخذ بظاهر الآيات القرآنية، فطرحت أفكاراً ومفاهيم حول «الجهاد» و«القتال» اعتمدت فى التأصيل لها على التأويل الظاهرى لبعض آيات الذكر الحكيم، ويأتى على رأس هذه الجماعات جماعة الإخوان التى تحورت أفكارها فيما بعد لدى جماعات عنقودية أخرى عديدة، بدأت بتنظيم الفنية العسكرية بقيادة صالح سرية عام 1974 وانتهت بتنظيم «داعش» الذى يقوده أبوبكر البغدادى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المرشد الأمين فى الدنيا والدين المرشد الأمين فى الدنيا والدين



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 23:00 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

البيت الأبيض يصف كتاب "بوب وودورد" بأنه "قصص ملفقة"

GMT 09:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار في الديكور للحصول على غرفة معيشة مميزة في 2025
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon