توقيت القاهرة المحلي 10:17:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الجماعة «المنشفة»

  مصر اليوم -

الجماعة «المنشفة»

بقلم: د. محمود خليل

وضع حسن البنا قاعدة «الجماعة المنشفة» ثم سار «أداهم الإخوان» عليها من بعده. لم يكن «البنا» وأداهمه أكثر من منشفة فى يد السلطة التى صور له غروره أنه يتلاعب بها، فاستخدموه لبعض الوقت لتحقيق مآرب معينة ثم تخلصوا منه. ست رصاصات أُطلقت على «البنا» فى شارع الملكة «رمسيس حالياً» ترنح معها الجسد الأربعينى وسقط مضرجاً فى دمائه. يشيع بعض الإخوان -إمعاناً فى رسم صورة أسطورية لأدهمهم الكبير- أن «البنا»، الذى اخترقت جسده ست رصاصات، أخرج مسدسه وأطلق النار على قاتليه وطاردهم لعدة أمتار قبل أن يسقط. إنهم يتحدثون عن مسدس كان يحمله، وحامل المسدس إما قاتل أو مقتول. لقد أراد «البنا»، من خلال حشد السلاح، أن يأخذ خصومه بالسيف، فكانت النتيجة أن أُخذ به، ومن أخذ بالسيف أُخذ به. مات حسن البنا دون أن يعلم أحد حتى اللحظة من الذى قتله، لكن الحقيقة الكبرى تقول إن مدمن الألعاب الخطرة لا يأمن أن يلقى حتفه فى واحدة منها.

مات حسن البنا لكن «وهم السيادة بالدين»، الذى غذاه داخل نفوس أتباعه من «الأداهم»، ظل باقياً. لم يتوقف أحدهم ليفكر أو يناقش مع نفسه جدوى هذا الوهم، ليخلص إلى حقيقة أن الدين لله وليس مطية يمتطيها طلاب السلطة فى الدنيا، وأن ثمة طرقاً أخرى لنيل الشعبية قد تكون أصعب من طريق التجارة بالدين لكنها فى كل الأحوال أضمن وأكثر احتراماً لأدبيات السياسة وأخلاقيات الدين، وأن السيادة فى الدنيا ليس مدارها تفويل تانك الذات ببنزين العبادات والمبالغة فى أداء الشعائر الدينية والتمسك الساذج بأمور دينية شكلية، بل الأخذ بأسباب العلم والتكنولوجيا. لقد شارك «أداهم الإخوان» فى حرب 1948 وعادوا مع الآخرين يجرجرون أذيال الخيبة والهزيمة، وبدلاً من الاعتراف بالعجز وإدراك الحقيقة الكبرى التى تقول بأنهم يعيشون خارج العصر الذى لا يعترف بالكم العددى الأدهمى قدر ما يعترف بالكيف، وأن هزيمتهم وغيرهم كانت هزيمة مجموعات متخلفة تؤدى بشكل متحفى أمام عصابات صهيوينة عصرية لا يعوزها مهارة التخطيط والأخذ بأسباب العلم ومنتجات التكنولوجيا. ليس من السهل على فاشل أو مهزوم أن يعترف -ولو بينه وبين نفسه- بالفشل والهزيمة، فقد علّم الإخوان الأداهم البحث عن أسباب من خارجهم ليعلقوا عليها إخفاقاتهم. فكرة «تآمر الغير» ظهرت فى كنف «الأدهمية الإخوانية»، ومن العجب أنها تسربت إلى غيرهم واعتمد عليها فى تبرير الهزيمة والفشل.

لم يفهم «البنا» وأتباعه من الأداهم أن السلطات المتنوعة التى تعاملوا معها (الملك - الإنجليز - الحكومات الديكتاتورية) لم تر فيهم أكثر من منشفة، أو «منديل كلينكس» بالتعبير المعاصر، تستخدمها لبعض الوقت ثم تلقى بها فى أقرب سلة مهملات. ومن المثير أن هذا النوع من التوظيف لـ«أداهم الإخوان» لم ينته بمقتل حسن البنا، فالأجيال المتعاقبة من السلطات والحكومات وظفت الجماعة بالطريقة نفسها. والحقيقة المفزعة تقول إن الإساءة إلى الدين وتلويث سمعة الإسلام كان النتيجة الأهم لممارسات الأدهمية الإخوانية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجماعة «المنشفة» الجماعة «المنشفة»



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon