توقيت القاهرة المحلي 21:39:37 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الأفكار القاتلة

  مصر اليوم -

الأفكار القاتلة

بقلم: د. محمود خليل

انشغل سيد قطب بالسلطة على نحو كبير، بسبب إحساسه بالاضطهاد منها، لذلك كان اهتمامه بتأكيد مبدأ الحاكمية. ولم يكن انشغاله بالسلطة مقصوراً على مصر فقط، بل امتد إلى السّلطة فى كل زمان ومكان. فعندما تصدّى للحديث عن موضوع الجهاد مثلاً عتب على هؤلاء الخانعين الذين يضعفون أمام الفكرة التى يروّج لها الغرب حول أن الإسلام انتشر بالسيف، وأصر على أن الجهاد فى الإسلام له هدف أساسى يتمثّل فى إزالة كل الطواغيت التى تحول ما بين الشعوب والاستماع إلى رسالة القرآن.

وهو يقصد بالطواغيت هنا كل السلطات (السياسية أو الاقتصادية) التى تمنع الدعوة إلى الله من الوصول إلى الشعوب. ولو عاش سيد قطب إلى الآن لأدرك أن الإسلام لا يحتاج إلى سيف ولا حربة حتى ينتشر. فالإحصاءات تقول إن عدد المسلمين تضاعف أكثر من سبع مرات خلال القرن العشرين، إذ كان عددهم مع بداية القرن (200 مليون مسلم)، وقد وصل مع نهاية القرن إلى (1500 مليون نسمة). لقد كان وما زال الجهاد الذى يحتاجه المسلمون حقيقة هو بذل الجهد من أجل تغيير أوضاعهم المعيشية والإنسانية، وحل مشكلاتهم فى الصحة والتعليم والتنمية وغير ذلك من أمـور، ناهيك عن بذل الجهد فى طاعة الله تعالى ومرضاته.

لم يكن سيد قطب -وهو يقدم هذه الأفكار- يجلس فى قصر أو يتجول فوق ظهر «يخت»، بل كان يكتبها داخل سجون الستينات، لذلك فهى أفكار أنتجتها الأزمة وغذّتها المحنة، ووجدت صداها جلياً بعد ذلك فى بيئة السبعينات، وما تلاها، حيث بدأت تسيطر على مصر حالة انفلات عام، تمثل وجهها السياسى فى الحديث المصنوع عن الديمقراطية الشكلية، ووجهها الاقتصادى فى الانفتاح الاستغلالى، ووجهها الفكرى والثقافى فى تفاهة العديد من الأفلام السينمائية، وركاكة الرسالة الإعلامية. إن سياق الحال هو الذى أعطى لأفكار سيد قطب وجاهة لدى البعض، رغم ما يشوبها من عدم الدقة والرومانسية الحالمة المرتبطة بتكوينه كأديب.

المشكلة الأساسية أن سيد قطب وغيره من منظرى الفكر المتطرف انشغلوا بالسلطة أكثر مما شغلوا أنفسهم بالشعوب، ولم يستوعبوا أن التغيير أصله «ثقافة». فالتغيير الثقافى هو المقدّمة الأهم والأخطر للتغيير على أى من المستويات السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو المعرفية، لكن سيد «قطب» وقع فى نفس المطب الذى وقع فيه غيره، حين استسهل الحديث عن السلطة واختزل الأمر فى شخص أو هيئة أو جهة، إذا تغيرت فسوف تتغير كل الأمور فى المجتمع، ويبدو أن إحساس سيد قطب بسيطرة الثقافة الوسطية على الرؤية الدينية للمصريين ستدفعهم إلى رفض أفكاره وفهمه المتطرف للإسلام، فانصرف عن المجتمع واتجه إلى السلطة.

فى كل الأحوال نستطيع القول إن هناك تقصيراً فى تحليل وتفكيك أفكار سيد قطب، يستثنى المرحوم حسن الهضيبى حين اجتهد فى دحض أفكار التكفير والتجهيل التى نمت وترعرعت خلال فترة الستينات فى كتابه «دعاة لا قضاة»، وأثبت بالأدلة القرآنية والنبوية حمق من يذهبون هذا المذهب فى مواجهة المجتمع. وأتصور أن الكتاب ليس كافياً فى هذا المقام، بل لا بد من وجود كتابات أخرى أكثر تفصيلاً وأقدر على تفنيد النسيج الفكرى، الذى قدمه سيد قطب، بشرط الوعى بالسياق والملابسات التى أحاطت بإنتاج أفكاره.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأفكار القاتلة الأفكار القاتلة



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:14 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

محمد صلاح يتصدر قائمة أفضل 10 مهاجمين في أفريقيا
  مصر اليوم - محمد صلاح يتصدر قائمة أفضل 10 مهاجمين في أفريقيا

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 20:01 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أنغام تطلق فيديو كليب «تيجي نسيب» بتقنية Dolby Atmos لأول مرة
  مصر اليوم - أنغام تطلق فيديو كليب «تيجي نسيب» بتقنية Dolby Atmos لأول مرة

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 09:57 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

دليل بأهم الأشياء التي يجب توافرها داخل غرفة المعيشة

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 10:52 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

GMT 10:12 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز 5 ضحايا لهيمنة ميسي ورونالدو على الكرة الذهبية

GMT 09:36 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الدلو

GMT 01:58 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الكهرباء

GMT 10:39 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

أبوظبي وجهة مثالية لقضاء العطلة في موسم الشتاء الدافئ

GMT 03:57 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

8 منتخبات عربية في صدارة مجموعات تصفيات كأس العالم 2026
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon