توقيت القاهرة المحلي 05:01:06 آخر تحديث
  مصر اليوم -

انت أهلاوى.. ولّا زملكاوى

  مصر اليوم -

انت أهلاوى ولّا زملكاوى

بقلم: د. محمود خليل

زمان كنا نردّد أن الأهلى والزمالك هما أكبر حزبين فى مصر. فتحت اسم الناديين يحتشد ملايين المتحيزين إلى حد التعصب، والمستعدين لأن يفعلوا أى شىء من أجل أن ينتصر ناديهم، وكذلك الجاهزون بالتبريرات المعلبة لتفسير هزائمه أو التهوين من إخفاقاته. فى كل بلاد الدنيا تبدو ظاهرة التحيز الكروى طبيعية، لكن المسألة تأخذ مساراً مختلفاً عندما يتحول التعصّب إلى الشتم، ثم الضرب، ثم الحرق، ثم القتل، هنالك تصبح المسألة غير طبيعية. التعصب الكروى لا يعبر عن ظاهرة طارئة فى حياة المصريين، لكن تحول ملاعب الكرة إلى ساحات معارك، واعتماد الجمهور للعنف كوسيلة للتعبير عن التحيز للنادى طارئان لا يظهران إلا فى ظروف وسياقات معينة، أبرزها سياق جفاف السياسة وسياق الإحباط.

ركود سوق السياسة، سواء بسبب إغلاق المجال العام أو عزوف الناس عن المشاركة لأى سبب كان، يؤدى إلى شيوع ظواهر التعصّب والعنف فى التعبير عن التحيّز للنادى والبلطجة فى الملاعب والشوارع. الكلام الذى كان يتردّد منذ زمن عن أن الأهلى والزمالك يمثلان أكبر حزبين فى مصر كان مرده حالة البوار والتصحر التى أصابت ملاعب السياسة. هذا الكلام كان يقال فى ظل وجود أحزاب عديدة، لكنها كانت عاجزة أشد العجز عن حشد الناس وراءها وخلق قاعدة جماهيرية لها فى الشارع. يستطيع المواطن، وكذا الناقد والمحلل الرياضى أن يتحدّث بـ«الفم المليان» ويقول رأيه بصراحة ويتهم ويشكك كما شاء وشاء له الهوى فى لاعب أو فريق، وبإمكان المتكلمين فى «الكورة» أن يستهلكوا الساعات الطوال فى «الكلام والحديت»، دون أن يمنعهم أحد أو يصادر على رأيهم أياً كان، لكن التجارب التى عاشتها مصر خلال العقود الأخيرة تقول إن أمر الحديث فى السياسة مختلف. فالمواطن يحفظ منذ الستينات أن «الحيطان لها آذان».

سياقات الإحباط تؤدى هى الأخرى إلى انتعاش ظاهرة التعصب الكروى، وتساعد على سيطرة التعابير العنيفة عليه، يستوى فى ذلك العنف اللفظى مع العنف السلوكى. فى أوائل السبعينات من القرن الماضى، عاش المصريون واحدة من أشد حالات الإحباط قسوة فى تاريخهم -عقب نكسة 1967- كانت لها تداعيات على الظاهرة التى نتحدث عنها. أتذكر أن مباراة أقيمت بين الأهلى والزمالك فى ذلك الحين، وبعد مرور عدة دقائق من الشوط الأول، احتسب الحكم ضربة جزاء على الأهلى، فثار لاعبوه وهاج الجمهور وماج، وتم احتواء الموقف، خصوصاً بعد أن طمأن حارس مرمى الأهلى «مروان كنفانى» الجمهور بأنه سوف يتصدى للضربة، وأن مرماه لن يُصاب بهدف. تقدم اللاعب الشاب -وقتها- فاروق جعفر، وسدد الضربة فى المرمى. بعدها انهمر جمهور الأهلى، ومن ورائه جمهور الزمالك على الملعب مثل السيل الجارف، ونشبت معركة حامية تشارك فيها اللاعبون والجمهور والحكام، وأصيب البعض إصابات بالغة. بعدها تم وقف الدورى فى مصر إلى أجل غير مسمى.

التعصّب الكروى الذى ينقلب إلى عنف لا يفنى ولا يُستحدث من عدم. فحالة الانفلات العصبى المكتومة فى دنيا الاقتصاد والمعايش وخلافه، تجد متنفساً مأموناً لها فى ملاعب الكرة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انت أهلاوى ولّا زملكاوى انت أهلاوى ولّا زملكاوى



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 10:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
  مصر اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 04:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
  مصر اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon