توقيت القاهرة المحلي 11:33:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

القط والفأر

  مصر اليوم -

القط والفأر

بقلم: د. محمود خليل

لم يتخلّ «مبارك» عن الهامش الذى منحه سلفه «السادات» لجماعة الإخوان لكى تتحرك على الساحة، بل قننه وأفسح لها المجال للمشاركة فى الانتخابات البرلمانية بحسبة محسوبة، وكانت أغلب قيادات الجماعة طوال سنوات حكم «مبارك» على علاقة بمسئولين وبعض رموز الحزب الوطنى ورجال الأعمال الذين يعملون فى معية الدولة وفى ظلها. لم يكن قد مضى على حكم «مبارك» سوى بضع سنوات، حين قرر ترسيخ معادلة «استخدام الإسلاميين»، لتأمين نظام حكمه، فقد سمح للدولة بالتعامل مع طرف منهم، وهو الطرف الإخوانى، فأفسح له المجال، للمشاركة المدنية بحسبة محدّدة، أما الطرف الثانى الذى يقوم بعمليات إرهابية ويهدّد الأمن والأمان داخل «الأدهمية»، فقد استخدمه «مبارك» كفزاعة تضع «الأداهم» تحت التهديد وتستدعى من داخلهم حنينهم الدفين إلى الأمن والاستقرار، ورفضهم الصارم للاضطرابات الدموية.

لم يفرّق «مبارك» على المستوى النظرى بين الإخوان وغيرهم من الجماعات، لكنه عملياً كان يسمح للإخوان بالعمل فى الشوارع والمساجد والزوايا والنقابات. وحكاية «النقابات» تلك حكاية كبرى، فقد أفسحت السلطة الطريق واسعاً رحباً أمام كوادر الجماعة لتُسيطر على مجالس إدارة النقابات. وقد فسّر الكاتب الراحل «يوسف إدريس» الأمر بطبيعة العملية الانتخابية داخل النقابات، حيث لا يهتم أغلب الأعضاء بالمشاركة، فيتركون الساحة خالية أمام المدجنين والمنظمين من أعضاء جماعة الإخوان الأكثر التزاماً بالمشاركة بأوامر صادرة من التنظيم، ولأنهم وحدهم الذين يصوتون يصبح بإمكانهم التحكم فى النتائج. التفسير الذى قدّمه يوسف إدريس له وجاهته ولا شك، لكن يتساند معه ويسنده توجّه «دولة مبارك» وسماحها بتحرّك الفصيل الإخوانى داخل النقابات. فكل شىء كان يتم تحت سمعها وبصرها وبإذنها وموافقتها، ولو أرادت العكس لفعلت ولقدرت عليه. وقد لعبت مجالس النقابات الإخوانية بعد ذلك دوراً مهماً فى خدمة «مبارك»، حين أخذت تعمل معه فى التعبئة على جمع التبرعات وحشد المجاهدين لتحرير أفغانستان التى غزاها السوفييت عام 1979.

استقبل الكثير من أفراد النخبة الأدهمية وذراريهم «مبارك» بنوع من الاستخفاف، واستخدموا معه ما اعتادوا عليه من آليات للسخرية غطت جوانب عديدة من صوته وصورته، لكن الرجل كان يطوى بين جوانحه شخصية أعقد بكثير مما يظن متابعوه. وليس من المستبعد أنه كان يمتلك منذ اليوم الأول لدخوله قصر الحكم تصوراً واضح الخطوات لما ينبغى أن يفعله، ليمسك بزمام حكم الأدهمية لأطول فترة ممكنة. ويبدو أن «مبارك» كان يطمح إلى الجلوس على العرش مدة أطول من «عبدالناصر» (16 عاماً) و«السادات» (11 عاماً). وقد رتب أموره بما يخدم أهدافه بصورة تدعو إلى العجب، ولعب على تناقضات الأطراف المتصارعة من حوله بطريقة تستوجب التأمل. وليس أدل على ذلك من الطريقة التى أدار بها ملف الإسلاميين فجعلهم من حيث لا يدرون ولا يعلمون مجرد موظفين لديه، لينجح فى ما فشل فيه «السادات» من قبل، بسبب عدم إجادته للعبة القط والفأر التى كان يُتقنها «مبارك»، ويتسلى بها كجزء من غرامه بالتسلية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القط والفأر القط والفأر



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:38 2024 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

أفضل ماركات العطور النسائية للخريف

GMT 01:24 2018 الخميس ,28 حزيران / يونيو

تذبذب أسعار الدواجن في الأسواق المصريةالخميس

GMT 21:46 2016 الإثنين ,14 آذار/ مارس

تعرَف على جمال مدينة "دهب" جنوب سيناء

GMT 18:21 2024 الثلاثاء ,06 شباط / فبراير

أهمية تناول المكملات الغذائية يومياً

GMT 10:03 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

أفكار تنسيق موديلات عبايات أسود وذهبي للمناسبات

GMT 00:30 2021 الأربعاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

عطل في تطبيق جيميل Gmail والمستخدمون يلجأون لتويتر

GMT 09:01 2021 الأربعاء ,08 أيلول / سبتمبر

ليلى طاهر تعلن اعتزالها التمثيل دون رجعة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon