بقلم: محمود خليل
«كورونا» بات يضرب فى كل الاتجاهات، بدءاً من المواطنين العاديين، وحتى نجوم الفن والمجتمع. دائرة الإصابة تتسع، والأرقام المعلنة عن وزارة الصحة زادت خلال الأيام الأخيرة من شهر رمضان، سواء على مستوى الإصابات أو فيما يتصل بأعداد الوفيات. الواضح أن الفيروس دار دورة كاملة فى البلاد وبين العباد. وأصبح يوجد حاملون له فى أماكن عديدة. وليس هناك خلاف أن إصرار الكثير من المواطنين على المخالطة والتجمع دون اتخاذ الاحتياطات المطلوبة يفاقم من المشكلة. وإذا لم يتنبه الناس إلى هذا الأمر مع دخول خطط التعايش مع الفيروس حيز التنفيذ فمن الوارد أن يتضاعف حجم المشكلة.
المواطن فى حالة ضيق وضجر نتيجة إحساسه بالمحاصرة، ناهيك عن تلف الأعصاب مع تواتر الأخبار عن إصابات جديدة بـ«كورونا». مر عليه شهر رمضان، ثم عيد الفطر، وهو يشعر بافتقاد الأحاسيس التاريخية التى كان يباشر بها هذه الأيام. هذه الأمور تدفعه فى أحوال إلى محاولة التفلت والانفلات. شعور المصريين فى هذا السياق طبيعى فمثلهم كمثل العديد من شعوب العالم الأخرى التى لم تقنعها فكرة العزل والحظر والتباعد الاجتماعى، لكن يبقى أن القاعدة تقول «لا بد مما ليس منه بد». فالمسألة تحتاج إلى صبر، والصبر على العزل خير من الصبر على المرض، والصبر على التباعد عن الأهل والأصدقاء لفترة من الزمن خير من فقدهم الزمن كله. المسألة أصبحت جد خطيرة. فالفيروس ظهر فى مواقع متعددة، ومحافظات مختلفة، خلال الأسابيع الماضية، وبالتالى لا يستطيع أحد أن يأمن خلو مكان معين منه. دائرة الاحتمالات تتسع باستمرار مع اتساع خريطة انتشار الفيروس. هذا ما يجب أن يستوعبه الناس. ونتمنى أن يسهم الحظر خلال أسبوع العيد فى التخفيف من حدة الانتشار، وتضييق الخناق على الفيروس.
زيادة أعداد المصابين تضيف أعباءً جديدة على الطواقم الطبية بالمستشفيات التى تتولى التعامل مع الحالات. وليس هناك خلاف على أن هذه الطواقم بذلت جهداً كبيراً خلال الأسابيع الأخيرة، وبالتالى فهى مجهدة بما يكفى، ولا تحتاج إلى جهد إضافى، والقاعدة تقول «لا تُرهق الحصان المرهَق». ومؤكد أن الجميع يعلم أن زيادة أعداد المصابين قد تؤدى إلى مشكلة كبيرة على هذا المستوى، قد يفاقم منها انطلاق الخطوات الأولى من خطط التعايش، ومن بينها الشروع فى إجراء امتحانات الثانوية العامة، ثم امتحانات السنوات النهائية بالجامعات، ونحن جميعاً نعلم حالة التزاحم التى تقترن بهذين الحدثين، خصوصاً امتحانات الثانوية العامة. مؤكد أن الحكومة اتخذت العديد من الإجراءات الاحترازية داخل اللجان، لكنها بحال لا تضمن السيطرة على دواعى وأسباب الزحام خارجها.
دائرة الخطر تتسع، والمثل المصرى يقول «الإنسان طبيب نفسه». على الجميع أن يفرض على نفسه الالتزام، واستيعاب أن الإنسان بالاحتياط والتحفظ لا يحمى نفسه وفقط، بل يحمى غيره أيضاً. الأخذ بالأسباب أصبح ضرورة، وفى النهاية «اللى مكتوب له حاجة هيشوفها».. و«ربك أرحم الراحمين».