توقيت القاهرة المحلي 10:17:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«الأدهمية السندية»

  مصر اليوم -

«الأدهمية السندية»

بقلم: د. محمود خليل

كان حسن البنا ينظر إلى المجموعات الأدهمية المحتشدة من حوله فيشعر بالقوة والزهو. كان الزمان زمان حشد، الكل يحشد: جمعية مصر الفتاة وزعيمها أحمد حسين، التيارات والأحزاب اليسارية، الملك وأحزاب القصر والسعديون. مع مطلع الأربعينات من القرن الماضى كانت لعبة الحشد هى الأكثر رواجاً فى بر المحروسة. كان الوفد حينذاك يرفع شعار «الشارع لنا.. إحنا لوحدنا»، وليس هناك خلاف على أن شعبية الوفد كانت تتعرض للتآكل والتراجع واعتراها قدر كبير من الضعف والخور. وجاءت الضربة القاصمة لها عام 1942، بعد أن شاهد المصريون بأم أعينهم حزبهم التاريخى يتولى الحكم من فوق دبابة إنجليزية. وقد مكنت هذه الحادثة القوى السياسية الصاعدة من سحب بساط الشعبية من تحت أقدام الوفد.

فى اللحظة التى نظر فيها حسن البنا إلى الأتباع المحتشدين من حوله وفرق الجوالة التى تزعق فى قوة وفتوة فى إعجاب، تسرب إليه شعور بأن أوان امتلاك «النبوت» القادر على الضرب بقوة قد آن. قرر أن يطوّر فرق الجوالة شبه العسكرية إلى نظام خاص ذى طبيعة عسكرية احترافية كاملة. تولى محمود عبدالحليم لفترة وجيزة تأسيس هذا النظام، لكن ظروف العمل اضطرته إلى ترك المهمة لغيره. اختار «البنا» للمهمة عبدالرحمن السندى، وكان شخصية شديدة التركيب والتعقيد. يصفه المتعاونون معه ومن تتلمذوا على يديه بأنه كان حالماً رقيقاً شديد الحساسية، وهو فى الوقت نفسه ملتزم أشد الالتزام بتعاليم الدعوة.

«السندى» كان من فصيلة أدهمية متميزة، فهو يبدو فى الظاهر ناعماً أشد النعومة، لكن باطنه وجوانحه تنطوى على مرجل يغلى بالغضب والعنف واستحلال الدماء. ولو أنك قلبت فى كتب التاريخ الإسلامى أو الإنسانى عموماً فسوف تجد أشباهاً له يتجولون على سطورها. كان اختيار «السندى» لقيادة النظام الخاص اختياراً مدروساً، فالقاعدة تقول إن الطيور على أشكالها تقع، وإن المرء على دين خليله، وبالتالى يمكننا القول بأن «السندى» كان يجذب نظراءه ممن يتراكم فى نفوسهم الحقد والغل والخسة والجبن. أصحاب هذه التركيبة يصبح من السهل عليهم إراقة الدماء، أما الخيانة فهى الأسهل بالنسبة لهم، فمن يستحل الدم البشرى المحصن بقوله تعالى «مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا».

أداهم الفصيلة السندية فى أغلبهم من أصحاب القلب المريض. عبدالرحمن السندى كان مريضاً صريحاً بالقلب، أما أعوانه وأتباعه فكانوا من أصحاب النفوس السقيمة التى تمرض القلب. كان عضو التنظيم الخاص يتدرج فى مراحل التدريب حتى يتحول من صاحب قلب مريض إلى صاحب قلب ميت، لديه استعداد للقتل والكذب والخيانة. لا أريد أن أحكى لك ما تعرفه من حوادث اغتيال قام بها النظام الخاص، مثل قتل القاضى أحمد الخازندار والنقراشى باشا رئيس الحكومة، لكن ما أود تأكيده أن أداهم الفصيلة السندية كان لهم أبناء وحفدة أرهقوا غيرهم من الأداهم إرهاقاً عظيماً

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الأدهمية السندية» «الأدهمية السندية»



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon