توقيت القاهرة المحلي 00:42:52 آخر تحديث
  مصر اليوم -

قرارات خطيرة

  مصر اليوم -

قرارات خطيرة

بقلم: د. محمود خليل

لست بحاجة إلى التذكير بالقرارات الرعناء التى تم اتخاذُها قبل حرب 1967 وخلالها، بدءاً من دعوة قوات الطوارئ الدولية إلى الانسحاب وإغلاق مضيق العقبة، ومروراً بقرار تحشيد للجنود على الجبهة، وانتهاءً بمأساة قرار الانسحاب من سيناء. أغلب هذه القرارات لم تكن مدروسة بالقدر الكافى، وكانت ثمة خلافات وصراع واضح بين كل من عبدالناصر وعبدالحكيم عامر. وحول كل من القيادتين العسكرية والسياسية تحلقت شلل المستفيدين، التى كانت تصفق لقرارات كبيرها وتمتدح حكمته، رغم خلوها من العقلانية والرشادة، وكانت تجيد بعد ذلك تسويقها لدى المصريين، رغم ما تحمله من أوهام بعيدة أشد البعد عن الواقع.

«عبدالناصر» كان يعلم أن قرار إغلاق مضيق العقبة يعنى اندلاع الحرب، ومؤكد أنه لم يكن مطمئناً إلى قدرة المشير عبدالحكيم عامر على إدارة المعركة المتوقعة، وهو الذى رأى مستوى أدائه فى حرب 1956، ثم حرب اليمن 1962، ورغم ذلك لم يتردّد فى اتخاذ قرارات كان يعلم أن نهايتها الحرب. هذه المسألة تستحق منا قدراً من التأمل. كان القرار حينذاك فى يد الرئيس عبدالناصر، ولم يكن لمؤسسات الدولة دور ذو بال فى مشاركة الرئيس فى القرار، ناهيك عن أن يكون للشعب الملتف حول الزعيم دور. نكسة 1967 أظهرت المآلات التى يمكن أن تنتهى إليها مسألة استفراد شخص واحد، أو شلة، أو مجموعة، بالقرار من دون مؤسسات الدولة، ومن دون الشعب، كما أظهرت النتائج التى يمكن أن تترتب على غياب الرأى الآخر عن المشهد السياسى. فقد اختفت المعارضة بشكلها المؤسسى فى تلك الحقبة، وكذلك بشكلها الفردى بسبب مناخ الخوف الذى ساد. كان «عبدالناصر» قد تخلص قبل النكسة من الكثير من رفاق الثورة عام 1952، وبعض هذه الأصوات لم تتردّد طوال الخمسينات، فى الاعتراض على بعض قرارات «ناصر» وتوضيح جوانب من الصورة قد تكون غائبة عنه.

«عبدالناصر» كان يعلم أنه اتخذ القرار وحده، وكانت لديه الشجاعة الأدبية ليُعلن أمام المصريين تحمّله المسئولية كاملة فى خطابه الشهير فى 9 يونيو، حين دهم المصريين بأسوأ خبر سمعوه فى تاريخهم المعاصر، خبر الهزيمة واحتلال سيناء. المصريون كانوا يعلمون بحقيقة فردية الحكم فى عصر «عبدالناصر»، وارتضوا أن تتعلق آمالهم بشخص واحد، لذا فمشهد الجماهير التى احتشدت فى ميادين مصر وشوارعها فى 9 و10 يونيو 1967 كان طبيعياً. ولم يكن كما يظن البعض دليل خيبة، بل كان مؤشراً على الوعى بفردية الحكم. رأى الناس أن استمرار عبدالناصر ضرورة فى دولة لا تتحرك بفكر مؤسسى بل بإرادة فرد، أيقنوا ساعتها أن زوال هذا الفرد معناه السقوط فى دائرة ضياع كامل، لذا أصروا على استمراره. لم تكن المسألة -كما كان يردّد بعض أفراد النخبة حينذاك- فى أن الشعب واعٍ بأن العدوان الإسرائيلى المدعوم بالإمبريالية العالمية كان هدفه الإطاحة بـ«عبدالناصر»، وأن تمسّكه به يعنى الانتصار على العدو وإحباط أهدافه، بل تحرك الشعب بنوع من التسليم بأن تلك أقداره، وأنه يدفع ثمن خطأ «إعلاء الفرد على المؤسسة»، ولم يكن التوقيت حينذاك مناسباً لمعالجة هذا الخطأ.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قرارات خطيرة قرارات خطيرة



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 04:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
  مصر اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon