بقلم: د. محمود خليل
لا توجد معلومة واحدة ثابتة أو متماسكة حول فيروس كورونا. بالأمس هذا العقار أو ذاك هو الأنجح فى علاج مضاعفات كورونا. اليوم العلاج غير صالح ويشكل خطراً على صحة المريض. بالأمس الكمامة الطبية أفضل للشخص من الكمامة القماش. اليوم المسألة مش فارقة، بل والكمامة الطبية إذا أسىء استخدامها قد تضر لابسها. بالأمس قرار بإعادة فتح المساجد ورفع حظر التجول فى بعض الدول. اليوم الدول التى اتخذت هذه القرارات «لفّت ورجعت تانى»، وفرضت حظر التجول وعلقت الصلاة فى المساجد ونزول الموظفين إلى أعمالهم. مع بدايات ظهور كورونا كانت الأحاديث تتردد عن أن ارتفاع درجة الحرارة له تأثير إيجابى فى القضاء السريع على الفيروس. اليوم خرجت دراسة جديدة نشرها الموقع العلمى «ساينس» جاءت بالعكس تماماً وأثبتت أن فيروس كورونا قادر على الفتك فى أجواء دافئة أيضاً (طبقاً لما نشره موقع «المصرى اليوم»).
مع كل معلومة جديدة يظهر توجه جديد، ويواجه المواطنون داخل دول العالم المختلفة ظروفاً مستجدة. الحكومات فى حيرة ما بين استمرار الإجراءات الاحترازية، رغم ما يترتب عليها من أضرار اقتصادية عنيفة تزلزلت أمامها أعتى الدول من حيث القدرة الاقتصادية، أو التخلص التدريجى منها وتدوير عجلة الحياة من جديد. والشاهد فى هذا الأمر أن بعض الدول التى اتخذت قراراً بالعودة التدريجية نجحت، بعد أن أخذ الفيروس دورته فيها وشرع فى الانحسار، فى حين اضطرت دول أخرى، اتخذت قراراً بالعودة، إلى النكوص عليه بعد ساعات، بسبب الزيادة الملحوظة فى معدلات الإصابة بالفيروس. المواطن هو الآخر حائر ما بين «الخنقة» التى يشعر بها أو الضغوط المعيشية التى يعانى منها نتيجة توقف عجلة الاقتصاد، وبين الخوف على نفسه ومن يحيط به من الإصابة بالفيروس.
ثمة معلومتان وحيدتان لم تتغيرا حتى الآن؛ المعلومة الأولى تؤشر إلى نجاح نسبى للدول التى قررت العودة التدريجية إلى أوضاع ما قبل كورونا، بعد أن أخذ الفيروس دورته فيها، بدأ ثم صعد ثم انحسر، ومع الانحسار بدأت فى العودة التدريجية للحياة. يستوى فى ذلك الدول التى اتخذت إجراءات احترازية شديدة، لم تمنع الفيروس من الفتك بالبشر، كما حدث فى فرنسا (أكثر من 29 ألف وفاة بسبب كورونا) أو تلك التى اتخذت إجراءات احترازية محدودة وتركت الأمور تسير كما تسير، كما وقع فى البرازيل (أكثر من 35 ألف وفاة). كورونا مثل العديد من الفيروسات التى شهدها العالم يأخذ دورته المعتادة فيظهر فجأة وتأخذ معدلات الإصابة به فى الارتفاع السريع، ثم يبدأ فى الانحسار، ليختفى فجأة كما بدأ.
المعلومة الثانية أن بعض الدول التى اتخذت إجراءات احترازية مبكرة، تمكنت بدرجة أو بأخرى من السيطرة على انتشار الفيروس، وخرجت بخسائر محدودة على مستوى الإصابات والوفيات، مثلما حدث فى المملكة الأردنية وتونس واليابان. ويعنى ذلك أن ثمة طريقين لا ثالث لهما لمواجهة الفيروس: الإجراءات الصارمة والجادة التى تحقق العزل والتباعد الاجتماعى خلال فترة الانتشار، أو ترك الفيروس يدور دورته العادية المتعارف عليها، من خلال اتخاذ إجراءات مجتمعية أو ترك الفيروس لضميره!.