توقيت القاهرة المحلي 10:17:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لعبة «المقاول والأنفار»

  مصر اليوم -

لعبة «المقاول والأنفار»

بقلم: د. محمود خليل

مثَّلت مدينة الإسماعيلية نقطة انطلاق للشيح حسن البنا. وقد وصلها وعمره 20 عاماً. أهم ما استلفت نظره فى المدينة التى كانت تعج بالأجانب فى ذلك الوقت بسطاء الأداهم العاملون فى معسكرات الإنجليز (القرنص الإنجليزى). عمال وحرفيون كُثر كانوا يجدون فى العمل داخل معسكرات الإنجليز فرصة عظيمة لجنى المكاسب وتحقيق الأرباح. وكانت عملية توريد الأنفار العاملين فى الكامب الإنجليزى تتم عبر مجموعة من المقاولين القادرين على تلبية ما تحتاجه المعسكرات من كوادر بشرية. يصف محمود عبدالحليم المشهد داخل مدينة الإسماعيلية حين قدمها حسن البنا بقوله: «كانت الإسماعيلية فى ذلك الوقت مدينة أجنبية بكل ما تحتمل هذه الكلمة من معانٍ، يعيش الأجانب فيها برغد ورفاهية أقوى من تلك التى يعيشها أهلهم وذووهم فى أوروبا. والمصريون فى الإسماعيلية لا يكتسبون قوْتهم إلا من خدمة هؤلاء الأجانب الذين يعتبرونهم أصحاب البلد الأصليين، أما هم فخدم طارئون. لم يكن أهل الإسماعيلية كلهم عمالاً لدى الأجانب بل كان منهم مقاولون، عملهم توريد الخدم من المصريين إلى هؤلاء الأجانب، وكانت تجارة شراء زبالة الإنجليز مصدر مكسب كبير لهم بالإضافة إلى توريد الخدم».

فى ظل هذه الأوضاع استوت العلاقة بين الأداهم المصريين بالإسماعيلية على معادلة «المقاول/ الأنفار». المقاول يورد النفر ويحصل على المقابل الذى يحصل عليه أى سمسار، وعلاوة على ذلك يتاجر فى «زبالة القرنص» ويكسب منها كثيراً لأن هناك من يبحثون عن النعم والأطايب التى تعج بها هذه الأكوام. المقاول هو الكل فى الكل والجميع مدين له بالسمع والطاعة، وإلا أخرجهم من «جنة الكامب». لم ترسخ معادلة فى ذهن الشيخ حسن البنا كما رسخت معادلة «المقاول والأنفار». فعلى هديها أسس جماعة الإخوان، فكان المقاول الأكبر والأقدم فيها الذى تولى مهمة توريد الأنفار الأوائل إلى الجماعة، وتولى تحويل الوافدين إلى مقاولين صغار قادرين على جذب جدد عبر نظام التجنيد الذى وضع أُسسه، وهكذا تحركت السلسلة من مكان إلى آخر، وتم تعيين مقاول لكل مجموعة أنفار.

انطلقت دعوة الإخوان من الإسماعيلية واختار حسن البنا مكاناً أدهمياً فريداً ليخرج به المشهد الافتتاحى أو الظهور الأول للدعوة. اختار أحد مقاهى الإسماعيلية التى تعوَّد «حرافيش الأداهم» الجلوس عليها، وطقس المقهى طقس أدهمى بامتياز كما سبق وحكيت لك. يقول محمود عبدالحليم فى كتابه «أحداث صنعت التاريخ»: «أراد حسن البنا أن يلفت إليه الأنظار، فدخل أحد المقاهى المكتظة، وعلى حين فجأة تناول جذوة من إحدى النراجيل (الشيش) وألقى بها من أعلى وهى ملتهبة فنزلت على إحدى المناضد وسط الجالسين وتناثرت، فارتاع الحاضرون وغادروا أماكنهم مذعورين وتلفتوا يبحثون عن مصدرها فرأوا شاباً وسيماً يقف على الكرسى يقول لهم: إذا كانت الجذوة الصغيرة قد بعثت فيكم الذعر إلى هذا الحد فكيف تفعلون إذا أحاطت بكم النار من كل جانب ومن فوقكم ومن تحت أرجلكم وحاصرتكم فلا تستطيعون ردها. وأنتم اليوم استطعتم الهرب من الجذوة الصغيرة فماذا أنتم فاعلون فى نار جهنم ولا مهرب منها؟».

بغض النظر عن مستوى مصداقية هذا المشهد الشعبوى وما يحمله من تناقض مع ردود فعل أولاد البلد فى مثل هذه المواقف إلا أنه يحمل مؤشراً على النفَس الأدهمى الذى حمله حسن البنا وجعله يختار أتباعه من بين «حرافيش الأداهم» المتمددين على المقاهى ليجعل منهم أنفاراً فى معسكرات جماعته.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لعبة «المقاول والأنفار» لعبة «المقاول والأنفار»



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon