توقيت القاهرة المحلي 21:17:51 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تغريبة بائع الخضار

  مصر اليوم -

تغريبة بائع الخضار

بقلم: د. محمود خليل

اختلفت الأحوال وتبدلت الأطوار بعد أن صعد محمد على إلى القلعة على أكتاف حجاج الخضرى وأمثاله من الأداهم الذين لم ترضهم سيرة «خورشيد»، حين أقلق عيشهم وهدد أمنهم وألهبهم بالمظالم. فى ذلك الوقت كان الكثير من الأهالى يمتلكون ما يدافعون به عن أنفسهم ضد غارات المماليك وسلب ونهب الأنؤود والدلاة والانكشارية، فكانوا يعاركونهم دفاعاً عن عيشهم بالنهار، ويسهرون بالليل شاهرين السيوف والعصى حماية لبيوتهم وحوانيتهم. وبهدف تهدئة الأوضاع وتهيئة البلاد لنوع من الاستقرار نادى المنادون فى القاهرة -كما يحكى الجبرتى- بالأمن والأمان والبيع والشراء، وأن الناس يتركون حمل الأسلحة بالنهار، وإذا وقع لأى منهم قباحة رفعوا الأمر إلى محمد على.

استهدف القرار الذى اتخذه الوالى السيطرة على الأوضاع المضطربة فى البلاد، وشأنه شأن كل القرارات النظامية التنظيمية لم تعجب شخصية «أدهم» الذى قفز داخل العوام فصرخوا جميعاً فى وجه عمر مكرم: «إيش هذا الكلام؟.. والله لا نمتثل لهذا الكلام ولا لهذه المناداة». كان حجاج الخضرى أكثر الأهالى حيرة، فهو أشدهم حاجة إلى سلاحه بعد الدور الذى لعبه فى الإطاحة بخورشيد باشا وتولية محمد على، وهو يعلم أن جنود «خورشيد» لن يتركوه فى حاله وسوف ينتقمون منه. قرر «حجاج» الهرب من القاهرة إلى مسقط رأسه فى «المنوات» فمكث فيها زمناً، ثم ذهب إلى الأمير محمد بك الألفى وانضم إلى رجاله. ولعلك تعلم أن «الألفى» شكّل أكبر تهديد لحكم محمد على، وأن الأخير لم يستقر على كرسيه فى القلعة إلا بعد الوفاة المفاجئة للأول. وبعد حين طرد محمد الألفى «الخضرى» بسبب خلاف وقع بينهما، فراسل الأخير عمر مكرم فكتب له أماناً من محمد على عاد على أثره إلى القاهرة، وقابل الوالى، وخلع عليه، ونادوا له فى خطته (حى الرميلة) بأنه على ما هو عليه فى حرفته وصناعته ووجاهته بين أقرانه، فصار يمشى فى المدينة وبصحبته جندى ملازم له.

دراما حياة «الخضرى» تقول إنه كان صاحب نفس أبية حرة منطلقة، ظهر ذلك فى دفاعه المستميت مع أولاد البلد عن محمد على، وبلائه الحسن فى مواجهة خصومه، لكن مشكلته الكبرى أنه لم يفرق بين ظرف التغيير الذى برر له وللأهالى حمل السلاح، وظرف الاستقرار الذى بدأ يسود بعد أن تولى محمد على الحكم، لقد أراد أن يحتفظ بسلاحه وبالفرقة التى كان يقودها فى الرميلة فى وقت كان الوالى يبحث فيه عن تهدئة الأوضاع وتنظيم حق استخدام القوة وجعله فى كنف الدولة، وهو ما لم يرض «الخضرى» ففر إلى «الألفى» ثم عاد إلى القاهرة بعد أن حصل له عمر مكرم على «كتاب أمان» من الوالى، لكن لم يطل به المقام فى العاصمة، فقد اختفى فجأة كما يسجل «الجبرتى»، ولا يدرى أحد هل هام على وجهه فى بر المحروسة، أم قُتل على يد جنود خورشيد المتربصين به، أم على يد الوالى الجديد؟. مات «الخضرى» لكن حلم «أدهم» -بائع الخضار- فى الحديقة والناى ظل حياً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تغريبة بائع الخضار تغريبة بائع الخضار



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:14 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

محمد صلاح يتصدر قائمة أفضل 10 مهاجمين في أفريقيا
  مصر اليوم - محمد صلاح يتصدر قائمة أفضل 10 مهاجمين في أفريقيا

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 20:01 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أنغام تطلق فيديو كليب «تيجي نسيب» بتقنية Dolby Atmos لأول مرة
  مصر اليوم - أنغام تطلق فيديو كليب «تيجي نسيب» بتقنية Dolby Atmos لأول مرة

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 09:57 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

دليل بأهم الأشياء التي يجب توافرها داخل غرفة المعيشة

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 10:52 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

GMT 10:12 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز 5 ضحايا لهيمنة ميسي ورونالدو على الكرة الذهبية

GMT 09:36 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الدلو

GMT 01:58 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الكهرباء

GMT 10:39 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

أبوظبي وجهة مثالية لقضاء العطلة في موسم الشتاء الدافئ

GMT 03:57 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

8 منتخبات عربية في صدارة مجموعات تصفيات كأس العالم 2026
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon