توقيت القاهرة المحلي 20:27:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حقيقة «الشورى»

  مصر اليوم -

حقيقة «الشورى»

بقلم: د. محمود خليل

هناك ملمحان أساسيان يميزان حضور «مسألة الشورى» فى سياق أحداث التاريخ الإسلامى. الملمح الأول يتعلق بانغلاق الشورى على جماعة معينة، أو ما اصطلح على تسميته بـ«أهل الشورى»، والملمح الثانى أن الشورى تحضر دائماً فى الأحداث التى تشهد صراعات سياسية على تولى أمر المسلمين، وهى فى الأغلب تستخدم كأداة للمناورة السياسية بين الأطراف المتصارعة.

مسألة الشورى -كما تعلم- من المسائل المنصوص عليها فى القرآن الكريم. وهناك سورة كاملة فى الكتاب الكريم اسمها «الشورى». يقول الله تعالى «وشاورهم فى الأمر»، ويقول «وأمرهم شورى بينهم». والنبى، صلى الله عليه وسلم، طبق منهجية الشورى فى التعامل مع الصحابة، فكانوا يشيرون عليه بالرأى، كما حدث فى واقعة اختيار المكان الذى يعسكرون فيه فى غزوة «بدر». لم يزد معنى الشورى حينذاك عن الاستماع إلى الرأى الآخر، إن كان ثمة رأى مختلف مفيد، كما حدث بالفعل فى «بدر». وقد ظل هذا المعنى لصيقاً بموضوع الشورى خلال عقود متصلة من التاريخ الإسلامى. الشورى التى نص عليها القرآن الكريم، وأكدتها سيرة النبى محمد، صلى الله عليه وسلم، بانت فى تجارب الحكم الإسلامى كآلية من آليات التعبير. وفارق كبير بين المشاركة بالرأى والمشاركة فى الحكم، كما أن الكثير من مشاهد الأداء التى ميزت حكام المسلمين خلال فترة صدر الإسلام وما تلاها تؤكد أن الشورى لم تكن ملزمة للحاكم، إنها فى النهاية مجرد رأى، قد يسمع له أو لا يسمع، يأخذ به أو لا يأخذ، المسألة مرتبطة فى البدء والختام بمشيئته الفردية.

لذلك ليس من الدقة أن يقارن البعض بين مفهومى الشورى والديمقراطية، لأن الفارق بين المصطلحين بعيد بعد الأرض عن السماء. الشورى نظام يعتمد على دائرة ضيقة من البشر يسمح لها الحاكم بالوجود حوله، ويعبر أفرادها عن رأيهم حين يطلب منهم ذلك، وليس لهم فيما عدا ذلك أدوار حقيقية فى صناعة القرار. ولى الأمر أو السلطان هو كل شىء، له الأمر وعلى الرعية السمع والطاعة. هذه الحالة كثيراً ما استغلتها جماعات المعارضة فى التاريخ الإسلامى لاستحضار عفريت الشورى من قماقم السياسة للتعريض بالحاكم أمام الرعية.

نشأت العلاقة بين مصطلح «الشورى» والموضوع السياسى عقب اغتيال عمر بن الخطاب، رضى الله عنه. واللافت أن أول من دفع عمر بن الخطاب إلى التفكير فى كيفية انتقال السلطة من بعده هو «كعب الأحبار» الذى لعب دوراً خطيراً خلال هذه الفترة. يقول «ابن كثير» فى «البداية والنهاية»: «جاء كعب الأحبار عمر فقال له: يا أمير المؤمنين، اعهد فإنك ميت فى ثلاث ليالٍ. قال: وما يدريك؟ قال: أجده فى كتاب التوراة. قال عمر: الله! إنك لتجد عمر بن الخطاب فى التوراة؟ قال: اللهم لا! ولكنى أجد حليتك وصفتك وأنك قد فنى أجلك». عندما طُعن الخليفة أدرك صدق النبوءة العجيبة لكعب الأحبار، وانتهى به الأمر إلى أن يجعل الأمر بعده شورى بين ستة نفر وهم: عثمان بن عفان وعلى بن أبى طالب وطلحة بن عبيدالله والزبير بن العوام وسعد بن أبى وقاص وعبدالرحمن بن عوف، رضى الله عنهم، وتحرج - كما يشير «ابن كثير» فى «البداية والنهاية»- أن يجعلها لواحد من هؤلاء على التعيين، وقال لا أتحمل أمرهم حياً وميتاً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حقيقة «الشورى» حقيقة «الشورى»



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 23:00 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

البيت الأبيض يصف كتاب "بوب وودورد" بأنه "قصص ملفقة"

GMT 09:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار في الديكور للحصول على غرفة معيشة مميزة في 2025
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon