توقيت القاهرة المحلي 10:17:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الطفل «الأمريكانى»

  مصر اليوم -

الطفل «الأمريكانى»

بقلم: د. محمود خليل

من يقرأ الأرقام المتعلقة بمعدلات الزواج والطلاق سيشعر بالعجب، فخلال عام 2018 وصل عدد حالات الطلاق إلى مليون، بواقع حالة واحدة كل دقيقتين ونصف. بالحسابات الرقمية تبلغ نسب حالات الطلاق إلى عدد حالات الزواج الجديد ما يزيد قليلاً على 20%. المجلس القومى للمرأة يقول إن هذه النسبة منطقية إذا قارناها بالنسب الشبيهة بين شعوب العالم المختلفة. وحقيقة الأمر فإن من يراجع التحليل البديع الذى قدّمه جمال حمدان فى كتابه «شخصية مصر» حول القضية السكانية فى مصر سيجده يشير إلى أن نسب الطلاق خلال القرن التاسع عشر كانت تتراوح ما بين 20% و25%.

من يقارن بين أرقام الطلاق والعنوسة فى مصر على محورى الجغرافيا والتاريخ قد يقول: ليس ثمة مشكلة. فالمعدلات لدينا لا تزيد على المعدلات العالمية، وكذا المعدلات التاريخية فى مصر المحروسة، لكن هناك عوامل أخرى لو أخذناها فى الاعتبار فسوف نخلص إلى أننا نواجه مشكلة بينة الخطورة.

تحمل أرقام الزواج والطلاق فى مصر إرهاصة إلى ميل شديد الخطورة لدى الأجيال الجديدة من الشباب نحو ما يمكن أن نطلق عليه «التفكّك الاجتماعى». زمان كان الزواج وتكوين أسرة يأتى على رأس أولويات الشاب أو الفتاة بعد التخرّج. الأمر اختلف بين الجيل الجديد، إذ أصبح الزواج وتكوين أسرة يتأخر على أجندة أولوياته. والسبب فى ذلك أن من يقدم على الزواج من أبناء هذا الجيل يتحمّل أعباءً تقع فى دوائر «الخيال العلمى». أحد الشباب المتزوجين حديثاً حكى لى عن حاجته إلى مئات الألوف من الجنيهات لينفقها على زوجته التى توشك على الوضع. سألته: لماذا؟.. هل تكلفة الولادة زادت إلى هذا الحد؟ فأجابنى بأن زوجته مصرّة على أن تسافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية لتضع حملها هناك حتى يحصل على الجنسية الأمريكية، ويصبح طفلها «أمريكانى»!. وعندما أبديت له دهشتى، سارع إلى القول: ليست زوجتى الوحيدة التى تفكر على هذا النحو!. أكيد أن الطلاق فى مثل هذه الأحوال أرخص!.

إذا كانت الحال كذلك بالنسبة لمن يجد من يساعده على «العيشة المخملية» فما القول بالنسبة لمن يحصل على رزقه بالنبش بالأضافير؟. شواهد كثيرة تقول إن غريزة البحث عن الطعام -وكذا استهلاك الكماليات- أصبحت تتفوق على أى غريزة أخرى لدى القطاع «محدود الدخل» من الجيل الجديد. والمفارقة أن الكادح الذى لم يكن يملك ما يتزوج به فى عقود سابقة كان لا يتوقف عن الشكوى، أما الكادحون المعاصرون من الجيل الجديد فلا يجدون مشكلة فى تأخر سن الزواج، أو فى عدم الإقدام على هذه الخطوة من الأصل. فالإنفاق -حتى لو كان قليلاً- على المتع الفردية الاستهلاكية قد يزيد فى قيمته بالنسبة لهم عن تحمّل أعباء زوجة وأطفال. أضف إلى ذلك ما يلاحظونه من ارتفاع حالات الإقدام على الطلاق بين أبناء عمرهم.

نحن أمام إرهاصة خطيرة للتفكك الاجتماعى مدارها 3 أمور: الأول أن الانتماء إلى «جروب» أصبح يغنى عن فكرة الانتماء إلى أسرة أو تكوين أسرة، والثانى أن غريزة «الاستهلاك» أصبحت تعلو على ما عداها من غرائز لدى الجيل الجديد، والثالث أن الواقع الافتراضى أصبح ساحة من ساحات الحياة تنافس الواقع الحقيقى. ولو أنك تأملت بعض مشاهد الزواج والطلاق والولادة والعنوسة من حولك ستجد أننا أمام مشكلة ثقافية بالأساس.. وعلاجها ليس سياسة ولا اقتصاداً قدر ما هو «ثقافة».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الطفل «الأمريكانى» الطفل «الأمريكانى»



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 04:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
  مصر اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon