توقيت القاهرة المحلي 21:39:37 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«النصوصيون» القدامى والجدد

  مصر اليوم -

«النصوصيون» القدامى والجدد

بقلم: د. محمود خليل

النص القرآنى نص إلهى نزل به الروح الأمين على قلب النبى صلى الله عليه وسلم. ومن لسان النبى تلقف المسلمون سور القرآن وآياته الكريمة، وشرعوا فى تفسيرها وفض معانيها. وعبر عقول المفسرين والمؤولين لآيات الكتاب بدأت نصوص جديدة فى الميلاد والوجود غطت فى بعض الأحوال على النص الأصلى (القرآن الكريم)، وأصبحت المصدر الأهم الذى يعتمد عليه المسلمون فى فهم دينهم، ومع عدم إنكارنا لقيمة هذه النصوص، إلا أنها فى الأول والآخر نصوص مولدة عن النص الأصلى وهى تحمل رؤى بشرية اجتهادية لا تتمتع بما يتمتع به القرآن من قداسة، وبالتالى فهى نصوص يؤخذ منها ويرد. أغلب المسلمين لا يميلون إلى إجهاد ذهنهم فى فهم القرآن مكتفين بالشروح التى تقدمها النصوص المولدة لفهم أمور دينهم، لكنهم يهتمون فى المقابل كل الاهتمام بحفظ الكتاب الكريم. فمنذ بعثة النبى صلى الله عليه وسلم ونزول القرآن الكريم تخصصت فئة من المسلمين الأوائل فى حفظه فى الصدور. وهى الفئة التى أطلق عليها فى ذلك الزمن «القراء» أى حُفاظ القرآن الكريم. ولا يزال الاهتمام الأكبر من جانب الكثير من بسطاء المسلمين حتى يوم الناس هذا موجهاً إلى حفظ القرآن الكريم، ليس ذلك وفقط بل إن مؤسسات رسمية عديدة تنشغل بتحفيظ القرآن الكريم وتنظيم المسابقات ومنح الجوائز للأكثر قدرة على حفظ واسترجاع آياته الكريمة.

لك أن تقوم بتجربة بسيطة لتعرف معدل اهتمام أى مسلم بحفظ القرآن الكريم مقارنة بفهم آياته. سل عينة ممن حولك عن معنى كلمة «الصمد» فى الآيات الكريمات من سورة الإخلاص: «قل هو الله أحد الله الصمد». ستجد أغلب من حولك يحفظون الآية وأقلهم يعرف معناها. ثم تعالَ وتأمل أول آية نستقبل بها المولى عز وجل فى كل صلاة، آية «الحمد لله رب العالمين». وهى آية صريحة فى الدلالة على أن الله تعالى رب كل العوالم التى يحتشد بها الكون، وليس رب المسلمين وحدهم، لنا أن نسأل: إلى أى حد يحتكم المسلمون إلى مفهوم «ربوبية الله للجميع» بما يحمله مفهوم الربوبية من معانى الرحمة والعطاء والعدل وغير ذلك فى التعامل مع الآخرين؟. فى كل الأحوال يشعر أى متأمل للقرآن الكريم بحجم المفارقة بين ما يدعو إليه من أخلاقيات وما يحده من حدود تمنع اعتداء البشر على بعضهم البعض وتأكيده على ثقافة السلام والتعارف والتعايش بين البشر، وما يميز سلوكيات بعض أدعياء التدين من المسلمين من فقر أخلاقى وفوضوية واندفاع إلى أذى الآخر وانغلاق بعض هؤلاء الأدعياء على أنفسهم. ترى ما السبب فى هذه المفارقة؟

الأغلب أن العلة فى هذه المفارقة ترتبط بالاحتكام إلى ظاهر الآيات وبعض الأقوال الموروثة فى الاستدلال على معانى النصوص القرآنية. دعنا نستشهد من جديد بفاتحة الكتاب التى يستقبل بها المسلم صلاته ويردد فيها قوله تعالى «اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذينَ أنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غيرِ المغْضُوبِ عَلَيْهمِ ولا الضَّالين». لو أنك سألت بعضاً من المسلمين العاديين فى معنى المغضوب عليهم أو الضالين فسيقولون إن المقصود بهم من غضب الله عليهم من عباده بسبب عدم طاعتهم له أو ضلوا عن هدى الله، ذلك إذا لم يكونوا من قراء التفاسير ويعتمدون على الاستدلال العقلى والفطرى على معانى الكتاب الكريم، ولو أنك سألت فى المقابل أحد أعضاء الجماعات الإسلامية حول معنى المغضوب عليهم أو الضالين فربما حصلت على شرح مختلف للدلالات، فقد تسمع من بينهم من يقول إن المغضوب عليهم هم «اليهود» أما «الضالين» فهم «النصارى». والسر فى ذلك هو ما تذهب إليه بعض التفاسير فى تأويل معنى الآية، مثل تفسير «ابن كثير» الذى يشير إلى حديث سأل فيه بعض الصحابة النبى صلى الله عليه وسلم عن المقصود بالمغضوب عليهم فقال لهم «اليهود» وسألوه مَن المقصود بالضالين فقال «النصارى». وهو تأويل يتناقض مع المفهوم الذى تأسست عليه فاتحة الكتاب «الحمد لله رب العالمين». فالمغضوب عليهم تشمل كل مَن يخرج عن طاعة الله مسلماً كان أم مسيحياً أم يهودياً، وكذلك مَن يضل. فالضلال ليس مكتوباً على جنس بعينه أو فئة بعينها من البشر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«النصوصيون» القدامى والجدد «النصوصيون» القدامى والجدد



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:14 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

محمد صلاح يتصدر قائمة أفضل 10 مهاجمين في أفريقيا
  مصر اليوم - محمد صلاح يتصدر قائمة أفضل 10 مهاجمين في أفريقيا

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 20:01 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أنغام تطلق فيديو كليب «تيجي نسيب» بتقنية Dolby Atmos لأول مرة
  مصر اليوم - أنغام تطلق فيديو كليب «تيجي نسيب» بتقنية Dolby Atmos لأول مرة

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 09:57 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

دليل بأهم الأشياء التي يجب توافرها داخل غرفة المعيشة

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 10:52 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

GMT 10:12 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز 5 ضحايا لهيمنة ميسي ورونالدو على الكرة الذهبية

GMT 09:36 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الدلو

GMT 01:58 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الكهرباء

GMT 10:39 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

أبوظبي وجهة مثالية لقضاء العطلة في موسم الشتاء الدافئ

GMT 03:57 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

8 منتخبات عربية في صدارة مجموعات تصفيات كأس العالم 2026
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon