توقيت القاهرة المحلي 10:17:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الثالوث القاتل

  مصر اليوم -

الثالوث القاتل

بقلم: د. محمود خليل

المتتبع للجهد الإصلاحى الذى قام به الإمام محمد عبده فى «الميدان الاجتماعى» سيلاحظ تركيزه على الثالوث الأخلاقى المدمر للمجتمعات، وهو ثالوت «الرشوة/النفاق/الكيف». حارب الإمام «الرشوة» وتعجب من التحول الثقافى فى النظر إليها وحالة القبول الاجتماعى لها، وقال: «لقد كادت الرشوة أن تكون من الوسائل المحمودة لنجاح المقاصد ودفع الغوائل، ومن الناس من تكون حقوقه بينة جلية الثبوت ولا يكتفى بذلك فى اقتضائها فيسارع إلى الرشوة يدفعها لمن يرجع إليه تخليص حقه، وقد ينهره الحاكم العفيف ولا يرضى بقبولها، وهو من سفهه يتوسل ويتضرع إليه فى قبولها، وليس ذلك إلا لرسوخ تلك العادة الشنيعة المضرة بالدنيا والدين فى طباع أدنياء الهمم». أسهب الإمام فى الحديث عن الرشوة المنتشرة بين الموظفين والتى يستسهلها الجمهور لتمرير مصالحه داخل أكثر من مقال ونوه برفض الشرائع الإلهية لها لما تجلبه من فساد وما تؤدى إليه من اضطراب فى الحياة العامة وما تتسبب فيه من ضياع لحقوق البشر.

توقف محمد عبده أيضاً أمام مسألة ميل المصريين إلى «القول أكثر من الفعل» وهو ما يعد مقدمة طبيعية لسقوط الفرد والجماعة فى «بئر النفاق». وذكر الإمام فى هذا السياق أن «القول الذى لا يعضده الفعل يحسب من أردأ الأوصاف وأقبحها لأنه يشعر بوجود أوصاف تشهد بالبداهة بقبحها، ومن الأسف أن الوصف يوجد فى الكثير من أهالى بلادنا، بل فى الغالب منهم، بل لا يوجد القائل الفاعل إلا قليلاً». تطرق الإمام أيضاً إلى عادة «التملق» السائدة بين قطاع من المصريين، خصوصاً قطاع الموظفين، واعتبرها جوهراً من جواهر الأمراض الاجتماعية الشائعة فى البلاد. ويرى أن الموظفين معدومى الكفاءة ومحدودى القدرات يعتمدون على هذا الخلق فى الترقى «ولا يجد المتوظف من وسيلة يحافظ بها على مركزه ووظيفته عندما يتغير رئيسه الأول سوى مذمته عند الخلَف وتعداد مثالبه ومساويه وغلطاته وهفواته، وبهذا ترتاح نفس الخلف إليه وترضى عنه فلا يمسه بسوء». كان الشيخ الإمام واعياً بالعديد من الأمراض الاجتماعية التى ضربت المصريين فى جوانب شتى من حياتهم، فتصدى لتحليلها وتصحيح مفاهيم الناس حولها، واعتبر مواجهتها ركناً ركينا من تجربته الإصلاحية.

حارب الشيخ الإمام أيضاً العديد من الآفات السلوكية الأخرى التى كانت شائعة بين المصريين خلال القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، مثل «تعاطى الكيوف». كان الحشيش والأفيون من الكيوف الشائعة لدى المصريين خلال هذه الفترة. تحدث الإمام طويلاً عن الأضرار البدنية والعقلية والأخلاقية والاجتماعية الناتجة عن إدمان الحشيش ومعدلات انتشاره العالية بين المصريين وتعاطيه بشكل معلن على المقاهى وفى الطرق والأزقة، وبيعه بصورة عادية فى الدكاكين، ودعا إلى ضرورة أن تنهض الدولة بمواجهة شاملة لهذا الوباء المتفشى بين عوام المصريين وخواصهم. وكان عوام المصريين حينذاك أميل إلى تعاطى الحشيش، وكان سفيههم يوصف بـ«الحشاش»، فى حين أغرم الخواص بالأفيون، وكان سفيههم يطلق عليه «الأفيونجى».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الثالوث القاتل الثالوث القاتل



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon