توقيت القاهرة المحلي 10:38:32 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المؤثرون والمؤثرات

  مصر اليوم -

المؤثرون والمؤثرات

بقلم: د. محمود خليل

«وفاة ماما سناء» -السيدة الستينية- كان أبرز حدث انفعل به رواد السوشيال ميديا خلال الأيام الماضية. وهى سيدة مصرية بسيطة، حملت عبء تربية أولادها، عقب وفاة زوجها. وبعد زواج الأولاد واستقرار الأحوال دأبت مع أفراد أسرتها على تسجيل فيديوهات تبثها عبر قناة تليفزيونية خاصة بها على موقع يوتيوب. الفيديوهات كانت تلقى رواجاً واسعاً بين رواد السوشيال ميديا وتحظى بملايين المشاهدات. وهى فى الإجمال تشتبك مع مواقف الحياة اليومية التى تمر بها أى أسرة، بعضها يتعلق بعلاقة الأم بأبنائها، والبعض يتصل بمناكفات «الحماة» لزوجات أولادها، وغير ذلك من مواقف إنسانية طبيعية عادية يجد أفراد الأسرة المصرية العادية أنفسهم فيها.

أفكار كلها بسيطة، ومن قلب البساطة ينبع التأثير. ذلك ما كانت تمتاز به فيديوهات «ماما سناء»، شأنها فى ذلك شأن العديد من اليوتيوبرز ممن راجت أسماؤهم على المستويين المصرى والعربى. وقد اصطلح على وصف اليوتيوبرز -أصحاب القنوات التليفزيونية على يوتيوب- بـ«المؤثرين الجدد»، بمعنى الأشخاص القادرين على التأثير فى أفكار وقيم وسلوكيات وحتى لغة الجمهور من أقصر الطرق الممكنة. زمان كنا نتحدث عمن يطلق عليهم «قادة الرأى» داخل المجتمعات المختلفة كأكثر فئة قادرة على التأثير فى الجماهير، مثل الوعاظ والمتعلمين والمثقفين وغيرهم. وليس ثم من خلاف على أن تأثير هؤلاء كان يرتبط بقدرتهم على اختيار الموضوعات التى تهم الناس، والحديث إليهم بلغة يفهمونها، وفى قوالب قادرة على التأثير فيهم. زمن «قادة الرأى» التقليديين ولى، وأصبحت الساحة خالية للمؤثرين الجدد، الذين نجح بعضهم فى حصد أرباح مالية كبيرة عبر الإعلانات التى تترافق مع الفيديوهات التى يطرحونها على مواقع التواصل الاجتماعى.

فى تقديرى الشخصى أن جوهر نجاح اليوتيوبر «ماما سناء» وغيرها من المؤثرين على السوشيال ميديا، يرتبط بنقل دراما الحياة اليومية إلى الشاشة. فهذا النوع من الحكى الطبيعى -البعيد عن التصنع- لمواقف مشابهة لما يحدث بين أفراد كل أسرة وداخل كل بيت يجذب الجمهور بصورة كبيرة. فيديوهات السيدة الراحلة -رحمها الله تعالى- لم تزد على نقل الواقع إلى عالم المشاهدة، لتسد ثغرة احتياج معرفى أساسية يتوق الكثير من المصريين إلى سدها، وهى ثغرة «دراما الحياة الطبيعية للمصريين». ارتفاع معدلات مشاهدة فيديوهات «ماما سناء» وما يشابهها أساسه أن الجمهور يرى نفسه فى هذه المواقف، فى وقت يشعر فيه أن الدراما بمحتواها الحالى تعيش حالة «اغتراب» عن واقعه.

الشباب المعاصر يُقبل بنهم على مشاهدة العديد من المسلسلات الأجنبية، يكفى أن نستشهد فى هذا السياق بمعدلات مشاهدة المسلسل الإسبانى «لاكاسا دى بابل»، لكنه يريد عندما يشاهد محتوى درامياً محلياً أن يستمتع بمحتوى مصرى حقيقى وطبيعى يعكس حياته ويعالج مشكلاتها وهمومها. ذلك هو الوتر الذى لمسته ببساطة وتلقائية فيديوهات «ماما سناء» فاستطاعت أن تجذب أجيالاً مختلفة من رواد السوشيال ميديا إلى المحتوى الذى تقدمه. وربما فسر لك ذلك حالة الحزن التى انتابتهم بعد رحيلها، حين أحسوا بفقد إنسان أصيل فى حياتهم.. رحمها الله تعالى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المؤثرون والمؤثرات المؤثرون والمؤثرات



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon