توقيت القاهرة المحلي 07:56:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ثنائية «الشيطان والدولة القادرة»

  مصر اليوم -

ثنائية «الشيطان والدولة القادرة»

بقلم: د. محمود خليل

منذ سنين طويلة دأبت الولايات المتحدة الأمريكية على خلق شيطان، يتم توظيفه فى اللعب على أعصاب الرأى العام الأمريكى. كذلك فكر الدول التى تريد السيطرة على العالم فلا بد أن تقدم لشعوبها الذريعة التى تبرر سعيها وراء السيطرة على الغير ودفع الثمن المطلوب لذلك. تجسد الشيطان خلال الحرب العالمية الثانية من وجهة نظر الأمريكى فى «هتلر» الذى يريد السيطرة على العالم، وبعد الحرب تمثل الشيطان فى صورة جديدة احتوت فى كادرها الاتحاد السوفيتى. وقد ظلت الولايات المتحدة تصارع السوفيت بطرق مختلفة كان أخطرها وأشدها أثراً «سباق التسلح» الذى تسبب فى استنزاف القدرات الاقتصادية للاتحاد السوفيتى ثم تعثره وتفككه. وبعد تفكك الاتحاد السوفيتى وجدت الولايات المتحدة شيطاناً جديداً يتمثل فى الإرهاب وقدمت له مجموعة من الأيقونات المتمثلة فى بن لادن والقاعدة، وامتد بعد ذلك إلى جميع التنظيمات الإرهابية التى ظهرت فى العالم الشرق الأوسطى على وجه الخصوص.

الأحداث تقول إن الولايات المتحدة تتحرك بفكر استراتيجى يمكنها من تحقيق أهدافها فى العديد من المواقف. وقد أدى ذلك إلى تكوين صورة مقابلة لها لدى شعوب العالم تضعها فى خانة «الدولة القادرة على كل شىء». فغالبية لا بأس بها من أبناء الشعوب داخل بعض دول العالم ترى أن كل ما يحدث فوق سطح الأرض وتحتها وراءه الولايات المتحدة الأمريكية. فهى من وجهة نظر البعض قادرة على اللعب فى جيولوجية الأرض لتصنع الزلازل، وتحريك موج البحر ليتحول إلى تسونامى، وتحريك السحب لتهطل الأمطار، بل لقد بلغ السفه بالبعض حد إلصاق مسئولية ظهور بعض الأمراض بألعاب الولايات المتحدة الأمريكية، وتداولت مواقع التواصل كلاماً عجيباً عن أن أمريكا التى تصنع المرض وتتخذ منه أداة من أدوات الصراع هى وحدها القادرة على إيجاد علاج له. انطلاقاً من المثل الذى يقول إن من عقد العقدة هو القادر على حلها.

هذا النمط من التفكير يفتقر إلى الموضوعية، ويغفل أسباباً متعلقة بأداء الشعوب والحكومات التى تديرها. فأية قوة مهما بلغت قدرتها لا تستطيع أن تنال من طرف من الأطراف إلا إذا كان لديه الاستعداد والظروف التى تؤهل للنيل منه. وإذا كانت الإدارات الأمريكية المتعاقبة قد استراحت لفكرة خلق عدو ذى صفة شيطانية كأداة من أدوات إقناع الشعب الأمريكى بسياساتها، فإنها أكثر راحة لصورة الدولة القادرة التى أفلحت فى غرسها لدى مجموعات متباينة من شعوب العالم. فهى تساهم فى تمهيد الأرض لإنجاز أهدافها وتحقيق مطامعها فى كل المواقع.

الولايات المتحدة دولة تمتلك الكثير من معطيات القوة، هذه مسألة لا مراء فيها، لكن الجوهر الحقيقى لقوتها يكمن فى «الفكر والإدارة». هذا هو ما يفرق الولايات المتحدة كدولة قوية عن دول أخرى تمتلك الكثير من أدوات القوة مثل روسيا والصين وغيرهما، لكنها أقل من الأمريكان على مستوى الفكر والإدارة. أما شعوب العالم الثالث التى ترى فى أمريكا صورة «الدولة القادرة» فمأساتها أنها لا تملك إلا الضعف، أما على مستوى «الفكر والإدارة» فحكايتها حكاية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثنائية «الشيطان والدولة القادرة» ثنائية «الشيطان والدولة القادرة»



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 10:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
  مصر اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 04:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
  مصر اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon