توقيت القاهرة المحلي 11:49:13 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أدهم و«صناعة الكذب»

  مصر اليوم -

أدهم و«صناعة الكذب»

بقلم : محمود خليل

ظهرت إذاعة «القرآن الكريم» على خريطة البث الإذاعى عام 1964. ومنذ ذلك التاريخ وهى تشغل حيزاً لا بأس به من خريطة «التفاعل السمعى» اليومى لقطاع لا بأس به من الأداهم المصريين. تحويل مؤشر الراديو إلى إذاعة القرآن الكريم مثَّل طقساً أساسياً من طقوس الحياة اليومية للأداهم مع افتتاح المحال التجارية أو الجلوس فى البيوت أو التحرك بمراكب النقل العام والخاص. ما أكثر ما كان يستمع الأداهم إلى كلام الله الذى يحض على الصدق: «اتقوا الله وكونوا مع الصادقين».. «ليجزى الصادقين بصدقهم». والآيات التى تعيب الكذب «وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون». وما أكثر ما تدفق الأثير بأحاديث تتناول موقف الدين من الكذب والكاذبين. الكذب جزء لا يتجزأ بالطبع من تاريخ «الأداهم» وغيرهم من الأوادم، لكنه تألق وأينع وازدهر خلال حقبة الستينات، وشهدت رحلته فى بر المحروسة تحولاً نوعياً خطيراً، حين تحول إلى ما يشبه الصناعة على حد التعبير القرآنى فى سورة الواقعة. راجت صناعة الكذب فى الستينات وأصبحت جزءاً لا يتجزأ من مهارات الفرد والجماعة والسلطة والمجتمع.

خلال حرب اليمن عاش «الأداهم» واحدة من أبرز تجارب «صناعة الكذب» عبر أجهزة الإعلام التى تم تأميمها. بعد مُضى ما يقرب من عام على التورط فى حرب اليمن عرض الرئيس جمال عبدالناصر على المصريين بعض الحقائق عن موضوع التدخل هناك، فأشار إلى أن مصر تدخلت فى البداية بقوة قوامها 2000 مقاتل، وأن عدد الشهداء حتى أكتوبر 1963 وصل إلى 21 ضابطاً و115 جندياً. وبعيداً عن الخطابات الرسمية للرئيس لم يقدم الإعلام معلومات ذات بال عن خسائر مصر فى الحرب، بل اكتفى بسرد قصص البطولات المصرية فوق أرض اليمن، وقد كانت بالفعل بطولات عديدة ومتنوعة. لم يُشِر الإعلام حينها إلى ما حققته الكثير من الدراسات التى يقدر بعضها -أحمد حمروش فى كتابه «عبدالناصر والعرب»- عدد الشهداء بـ10 آلاف شهيد، وخسائر مالية تقدر بـ60 مليون جنيه إسترلينى، ويقدر بعضها الآخر -وجيه أبوذكرى فى كتابه «الزهور تدفن فى اليمن»- عدد الشهداء بـ20 ألف شهيد.

تحول الإعلام -بعد أن أصبح فى حوزة السلطة- إلى أداة للدعاية. والدعاية تتأسس فى الأغلب على الأكاذيب الصريحة أو المبالغات «الكاذبة» فى معالجة الحقائق. الأداهم كانوا يتلقون وجبات الصباح والمساء «المعلوماتية» عبر وسائل الإعلام، لم يكن لديهم مصادر للتحقق من صدقها، فكانوا فى الأغلب يصدقون ما تحمله إليهم من مضامين. وعندما كانت بعض الأسر والعائلات التى تربطها صلة بمن يحاربون فى اليمن تنقل أخباراً موجعة رواها مَن رجعوا من هناك فى إجازات كان الغاضبون على النظام الناصرى يلوكونها بألسنتهم ويضيفون عليها من عندياتهم ويروجون لها، فى حين آثر المحبون للنظام الاستماع إلى العزف المنفرد الذى يقدمه محترفو صناعة الكذب داخل أجهزة الإعلام، حيث كانت تطربهم أكثر، لتضرب «لعنة الكذب» الراضين والساخطين معاً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أدهم و«صناعة الكذب» أدهم و«صناعة الكذب»



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:38 2024 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

أفضل ماركات العطور النسائية للخريف

GMT 01:24 2018 الخميس ,28 حزيران / يونيو

تذبذب أسعار الدواجن في الأسواق المصريةالخميس

GMT 21:46 2016 الإثنين ,14 آذار/ مارس

تعرَف على جمال مدينة "دهب" جنوب سيناء

GMT 18:21 2024 الثلاثاء ,06 شباط / فبراير

أهمية تناول المكملات الغذائية يومياً

GMT 10:03 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

أفكار تنسيق موديلات عبايات أسود وذهبي للمناسبات

GMT 00:30 2021 الأربعاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

عطل في تطبيق جيميل Gmail والمستخدمون يلجأون لتويتر

GMT 09:01 2021 الأربعاء ,08 أيلول / سبتمبر

ليلى طاهر تعلن اعتزالها التمثيل دون رجعة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon