توقيت القاهرة المحلي 10:17:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«أداهم» المسلك الشريف

  مصر اليوم -

«أداهم» المسلك الشريف

بقلم: د. محمود خليل

قلت لك إنه أمام شره التطلع المحبط بقلة الحيلة والعجز عن تحقيق الآمال الفردية فى الحصول على السلع الاستفزازية، بدءاً من إكسسوارات السيدات والسيارات وانتهاء بالساحر الصغير المسمى بالموبايل، سلك «الأداهم» مسالك مختلفة لحل مشاكلهم الاقتصادية، بعضها شريف، وبعضها لطيف، وبعضها مخيف. وعبَّرت المسالك الثلاث عن تأثُّر بالغ من جانب «الأداهم» بتوجهات السلطة «المباركية». بل قل إن الأجواء الاقتصادية والسياسية التى تشكلت خلال حقبة التسعينات ساعدت «مبارك» على صناعة أهل الأدهمية على عينه وربطهم به بحبل متين، وتحويلهم إلى «عيال للسلطة» يتشبثون بذيل «قيصر الاستقرار». دعونا نبدأ بأداهم المسلك الشريف.

المسلك الشريف الذى سلكه بعض «الأداهم» من أجل موازنة قدراتهم المالية بتطلعاتهم وتطلعات مَن حولهم تمثل فى البحث عن وظيفة مسائية إلى جوار الوظيفة الصباحية (العمل بروحين)، أو السفر إلى دول النفط والعمل فيها لمن استطاع إليه سبيلاً، أو دفع كل مَن هو قادر على العمل داخل الأسرة إلى التوظف أو احتراف أى حرفة، يستوى فى ذلك الزوج مع الزوجة مع الأبناء ليتكاتف الجميع فى تحقيق الدخل القادر على إشباع الحد الأدنى من التطلعات والأحلام الأدهمية العتيدة. والنتيجة أن الأسرة الأدهمية التى عاشت تاريخاً طويلاً من التماسك، وكان أكبر حلم لرأسها أن يبنى داراً أو بيتاً يزوج فيه أبناءه وينعم فيه بقربهم وقرب أحفاده، يستوى فى ذلك «أداهم» الريف مع «أداهم» المدن، أمست أقرب إلى التشرد فى أرض الله التى تفجرت بالبترول، أو إلى الشركات الاستثمارية والبنايات الجديدة التى تطاولت خلال فترة التسعينات وأوائل الألفية الجديدة ليعملوا موظفين أو حرفيين أو أفراد أمن أو خدماً وغير ذلك. أصبحت العديد من أفراد الأسر لا يلتقون معاً إلا فى الأعياد والإجازات المشتركة، وفيما عدا ذلك تجدهم سارحين فى بلاد الله لخلق الله.

وليس هناك خلاف أن الأكثر حظاً بين شرفاء «الأداهم» هو من كانت تساعده الظروف على الحصول على عقد عمل فى دول الخليج، ويكفى أن أشير فى هذا السياق إلى أن نسبة تقترب من 50% داخل بعض القطاعات -مثل قطاع التدريس الجامعى والمدرسى- نزحت للعمل فى دول الخليج، والأمر نفسه ينطبق على قطاعات العمال والفلاحين والحرفيين وغيرهم. وقد أحدث العمل فى الخليج خللاً داخل الأسرة الأدهمية أشارت إليه العديد من الدراسات التى بحث بعضها مسألة «نقل أخلاقيات وسلوكيات البداوة» إلى الواقع المصرى الذى عاش الحضارة بأخلاقياتها وسلوكياتها منذ آلاف السنين، فبعد سنين طويلة لم يشتهر فيها سوى قراء القرآن الكريم من المصريين، إذ بشرائط قراء الخليج تنتشر فى مصر بل ويتأثر بها القراء المصريون، ناهيك عن انتشار أنماط التدين الشكلانى والمظهرى السائدة فى هذه البلاد داخل الأدهمية بصورة تثير الاستغراب. أشارت دراسات أخرى إلى النتائج التى ترتبت على أنماط تربية الأبناء فى مصر فى ظل غياب الأب والأم للعمل فى الداخل أو الخارج والمخاطر التى تترتب على توافر المال بسخاء فى أيدى الأبناء، وما ترتب على ذلك من زيادة حالات المرض النفسى والإدمان وغير ذلك.

هذا القطاع من «الأداهم» سلك طريقاً شريفاً من أجل علاج الاختلال فى معادلة «التطلعات/ القدرات» لكنه لم يلتفت وهو يجرى جرى الوحوش فى صحراء الخليج وبرية المشروعات الاستثمارية والمدن المخملية داخل مصر أنه ضرب -فى بضع سنين- قيماً أصيلة ترسخت داخل الشخصية الأدهمية على مدار قرون من الزمن.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«أداهم» المسلك الشريف «أداهم» المسلك الشريف



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 04:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
  مصر اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon