توقيت القاهرة المحلي 07:56:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لينين الرملى

  مصر اليوم -

لينين الرملى

بقلم: د. محمود خليل

حزنت للغاية عندما قرأت خبر وفاة المبدع الكبير «لينين الرملى». لم يحالفنى الحظ للقاء الرجل خلال رحلة حياته العامرة، لكن شأنى شأن غيرى من المصريين الذين شدتهم أعماله كنت دائماً ما أشعر أن ثمة خيطاً رابطاً بينى وبينه. وكذلك الكاتب الصادق يعرف كيف يلتقى بمن يتلقى إبداعه فى الفكرة والإحساس. الصدق يؤدى إلى إنشاء نوع من الصداقة الإنسانية المعنوية بين الكاتب والمتلقى. التقيت بالعديد من أعمال لينين الرملى -شأنى شأن أبناء جيلى- وأغرمت بمسرحياته: «انت حر، وتخاريف، والهمجى» وكذلك أفلامه «الإرهابى وبخيت وعديلة» وغيرها.

تمتع «لينين» بقدرة خاصة على طرح الأسئلة المثيرة للعقل والمحرضة على التفكير من خلال أعماله الفنية. فى مسرحية «انت حر» وهى من أوائل أعماله المشتركة مع الفنان محمد صبحى يطرح فكرة «الحرية» ويتساءل هل هى بالفعل فكرة موجودة وحاضرة فى حياة الإنسان خلال مراحل عمره المختلفة أم مجرد حلية لفظية يلوكها البعض فى وجه البعض دون إحساس حقيقى بوجودها؟. عبارة «أنت حر» تحمل فى ثقافتنا دلالة تحمل معنى التهديد أكثر مما تشير إلى ممارسة الحق فى الاختيار. فما أكثر ما يقولها الأب لابنه أو الزوج لزوجته والصديق لصديقه على سبيل التهديد ليس أكثر. تطرح المسرحية إشكالية بحث الإنسان عن الحرية منذ أن يولد إلى أن يلقى وجه ربه عبر تتبع رحلة «عبد المأمور» الذى ظل يبحث عن حريته وحقه فى الاختيار إلى أن أمسى «رجل اختيار». ورجل اختيار هى العبارة التى يصف بها المصريون الشخص الطاعن فى السن الذى يوشك على لقاء ربه.

الحس الإنسانى عند لينين الرملى كان متفوقاً على ما عداه. يقول البعض إن أعمال المبدع الراحل كانت تحتشد بالإسقاطات السياسية، والأدق -فى تقديرى- أن يقال إن أعماله تحتشد بالإسقاطات الإنسانية شديدة العمق. ومن أراد أن يتعرف على الكيفية التى صاغ بها «لينين» الكوميديا فى قالب إنسانى رفيع المستوى، فعليه أن يشاهد أحد أفلامه التى لم تنَل حظها من الشهرة رغم عمق المعانى التى تحتشد بها، وهو فيلم «الرجل الذى عطس». ويحكى قصة موظف بسيط أخبره الأطباء أنه مصاب بمرض سيؤدى إلى وفاته بعد بضعة أشهر، وكيف واجه هذا الموقف. أفكار ومعانٍ كثيرة لا يتسع المقام للغوص فيها فى هذه المساحة المحدودة يمكن أن نعرض لها ونحن نراجع أعمال المبدع الراحل. وهى أفكار ومعانٍ أثرت فى جيل بأكمله كانت أعمال «لينين» الرملى رافداً أساسياً من روافد تكوين فكره ووجدانه.

عاش «لينين» سنواته الأخيرة عازفاً عن الأضواء. لم يظهر إلا فى عدد محدود للغاية من الحوارات الصحفية بالأساس، والتليفزيونية فى أحوال قليلة. وظنى أن عزوفه عن الظهور كان مرده أسباباً تتعلق بالمناخ الفنى العام فى مصر بما أصابه من تشوهات، بالإضافة إلى أن مساحات التأمل فى حياة المبدع تدفعه فى أحوال إلى إيثار العزلة. رحم الله الفنان المبدع «لينين الرملى» الذى عاش مخلصاً لفنه وإنسانيته والتراب الذى أنبته.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لينين الرملى لينين الرملى



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 10:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
  مصر اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 04:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
  مصر اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon