توقيت القاهرة المحلي 09:10:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

جماعة لا تعرف «التوازن»

  مصر اليوم -

جماعة لا تعرف «التوازن»

بقلم: د. محمود خليل

خلق الله تعالى الدنيا على التوازن المادى والمعنوى، فعلى المستوى المادى جعل الله الجبال أداة لإحداث التوازن على الكوكب الذى نعيش فيه، كما ورد فى قوله تعالى «وَأَلْقَى فِى الْأَرْضِ رَوَاسِىَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ»، وقوله تعالى «وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا»، ونبه الله البشر إلى أهمية التوازن مع الآخر فى قوله: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ»، وفى حالة طغيان فريق من البشر على آخر، جعل الله «التدافع» سراً من أسرار العودة مجدداً إلى حالة التوازن، «وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ».

من أهم ما يستلفت النظر فى تجربة جماعة الإخوان خلال الفترة التى أعقبت 2011، عبورها السريع على الحقائق القرآنية السابقة، يدل على ذلك الكثير من شواهد الواقع. فقد أدارت الجماعة استفتاء 19 مارس 2011 كما تريد، وسيطرت على مجلس الشعب، ومجلس الشورى، والرئاسة، والحكومة، وأخيراً حاولت فرض الدستور الإخوانى الخاص بها (2012). اللعبة بهذه الطريقة ليست لعبة توازن، بل هى لعبة ضلال. فحين تزعم أن الجميع راضٍ عنك وعن أدائك، أو أن الأغلبية العظمى كذلك، فأنت ضال مضل، أو فى أقل تقدير أنت مجرد «دجال» تصانع الناس بالأكاذيب. فتجربة البشر تشهد أن الأنبياء لم يؤمن بهم إلا الآحاد من قومهم، وكذّبهم الكثيرون، ومن اهتدى بأنبياء الله فى حياتهم ضل بعد وفاتهم، عندما ظهر فيهم الأفاقون والدجالون. هكذا كفر بنو إسرائيل بشريعة موسى وعبدوا العجل عندما أضلهم السامرى، لحظة أن تعجّل موسى لميقات ربه.

التوازن يعنى القبول بفكرة «التعادلية» فى دنيا البشر. وقد قاوم الإخوان بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة أن يتعادلوا مع خصومهم من القوى السياسية المختلفة، وآثروا الاستفراد بالمشهد، بزعم أن الأغلبية معهم. وحقيقة الأمر أن الحالة بعد يناير لم تعكس انحيازاً من جانب أغلبية الشعب إلى الإخوان أدى بهم إلى الوصول إلى سدة الحكم، قدر ما عبّرت عن الدور الذى لعبته الخبرة الإخوانية التنظيمية فى مجال الانتخابات. فقبل يناير 2011 كان هناك طرفان يجيدان لعبة الانتخابات، هما: الحزب الوطنى وجماعة الإخوان. ولم يكن الوصول إلى مقاعد صناعة القرار من أىٍّ من الفريقين معبراً عن شعبية، لأن نسبة المشاركة فى الاستحقاقات الانتخابية كانت محدودة، وبالتالى كان النجاح فيها رهناً بالقدرة على التنظيم وحشد عدد قليل محسوب من الأصوات. وكلنا يعلم الطريقة التى كان يتم بها الحشد قبل يناير 2011، وكيف استعادت جماعة الإخوان هذه الطرق فى استحقاقات ما بعد يناير، فاعتمدت على الرشاوى المادية والعينية للناخبين. لجوء أى قوة سياسية إلى هذه الأساليب قد يكون له ما يبرره فى ظل السياق العام الذى يحكم لعبة الانتخابات، لكنه لا يعكس بحال شعبية حقيقية، لأن النسبة الغالبة من أفراد المجمع الانتخابى المصرى دأبوا على عدم التصويت. من الحكمة أن تتفهّم أى قوة سياسية هذه الحقيقة حتى تستطيع أن تدير علاقاتها مع القوى السياسية بدرجة معقولة من التوازن. وذلك درس لم تستوعبه الجماعة، وبالتالى لا تعمل به فى العديد من المواقف.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جماعة لا تعرف «التوازن» جماعة لا تعرف «التوازن»



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 06:28 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

تناول الزبادي الطبيعي يومياً قد يقلل من خطر الإصابة بسرطان
  مصر اليوم - تناول الزبادي الطبيعي يومياً قد يقلل من خطر الإصابة بسرطان

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon