توقيت القاهرة المحلي 19:43:04 آخر تحديث
  مصر اليوم -

جماعة لا تعرف «التوازن»

  مصر اليوم -

جماعة لا تعرف «التوازن»

بقلم: د. محمود خليل

خلق الله تعالى الدنيا على التوازن المادى والمعنوى، فعلى المستوى المادى جعل الله الجبال أداة لإحداث التوازن على الكوكب الذى نعيش فيه، كما ورد فى قوله تعالى «وَأَلْقَى فِى الْأَرْضِ رَوَاسِىَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ»، وقوله تعالى «وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا»، ونبه الله البشر إلى أهمية التوازن مع الآخر فى قوله: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ»، وفى حالة طغيان فريق من البشر على آخر، جعل الله «التدافع» سراً من أسرار العودة مجدداً إلى حالة التوازن، «وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ».

من أهم ما يستلفت النظر فى تجربة جماعة الإخوان خلال الفترة التى أعقبت 2011، عبورها السريع على الحقائق القرآنية السابقة، يدل على ذلك الكثير من شواهد الواقع. فقد أدارت الجماعة استفتاء 19 مارس 2011 كما تريد، وسيطرت على مجلس الشعب، ومجلس الشورى، والرئاسة، والحكومة، وأخيراً حاولت فرض الدستور الإخوانى الخاص بها (2012). اللعبة بهذه الطريقة ليست لعبة توازن، بل هى لعبة ضلال. فحين تزعم أن الجميع راضٍ عنك وعن أدائك، أو أن الأغلبية العظمى كذلك، فأنت ضال مضل، أو فى أقل تقدير أنت مجرد «دجال» تصانع الناس بالأكاذيب. فتجربة البشر تشهد أن الأنبياء لم يؤمن بهم إلا الآحاد من قومهم، وكذّبهم الكثيرون، ومن اهتدى بأنبياء الله فى حياتهم ضل بعد وفاتهم، عندما ظهر فيهم الأفاقون والدجالون. هكذا كفر بنو إسرائيل بشريعة موسى وعبدوا العجل عندما أضلهم السامرى، لحظة أن تعجّل موسى لميقات ربه.

التوازن يعنى القبول بفكرة «التعادلية» فى دنيا البشر. وقد قاوم الإخوان بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة أن يتعادلوا مع خصومهم من القوى السياسية المختلفة، وآثروا الاستفراد بالمشهد، بزعم أن الأغلبية معهم. وحقيقة الأمر أن الحالة بعد يناير لم تعكس انحيازاً من جانب أغلبية الشعب إلى الإخوان أدى بهم إلى الوصول إلى سدة الحكم، قدر ما عبّرت عن الدور الذى لعبته الخبرة الإخوانية التنظيمية فى مجال الانتخابات. فقبل يناير 2011 كان هناك طرفان يجيدان لعبة الانتخابات، هما: الحزب الوطنى وجماعة الإخوان. ولم يكن الوصول إلى مقاعد صناعة القرار من أىٍّ من الفريقين معبراً عن شعبية، لأن نسبة المشاركة فى الاستحقاقات الانتخابية كانت محدودة، وبالتالى كان النجاح فيها رهناً بالقدرة على التنظيم وحشد عدد قليل محسوب من الأصوات. وكلنا يعلم الطريقة التى كان يتم بها الحشد قبل يناير 2011، وكيف استعادت جماعة الإخوان هذه الطرق فى استحقاقات ما بعد يناير، فاعتمدت على الرشاوى المادية والعينية للناخبين. لجوء أى قوة سياسية إلى هذه الأساليب قد يكون له ما يبرره فى ظل السياق العام الذى يحكم لعبة الانتخابات، لكنه لا يعكس بحال شعبية حقيقية، لأن النسبة الغالبة من أفراد المجمع الانتخابى المصرى دأبوا على عدم التصويت. من الحكمة أن تتفهّم أى قوة سياسية هذه الحقيقة حتى تستطيع أن تدير علاقاتها مع القوى السياسية بدرجة معقولة من التوازن. وذلك درس لم تستوعبه الجماعة، وبالتالى لا تعمل به فى العديد من المواقف.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جماعة لا تعرف «التوازن» جماعة لا تعرف «التوازن»



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:20 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يؤكد أنه سيقر بهزيمته إذا كانت الانتخابات عادلة
  مصر اليوم - ترامب يؤكد أنه سيقر بهزيمته إذا كانت الانتخابات عادلة

GMT 01:37 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق مختلفة لاستخدام المرايا لتكبير المساحات الصغيرة بصرياً
  مصر اليوم - طرق مختلفة لاستخدام المرايا لتكبير المساحات الصغيرة بصرياً

GMT 14:45 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أحماض تساعد على الوقاية من 19 نوعاً من السرطان
  مصر اليوم - أحماض تساعد على الوقاية من 19 نوعاً من السرطان

GMT 12:46 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد امام يعتبر والده "الزعيم" هو نمبر وان في تاريخ الفن
  مصر اليوم - محمد امام يعتبر والده الزعيم هو نمبر وان في تاريخ الفن

GMT 07:02 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الفرنسي هيرفيه رونار يعود لتدريب منتخب السعودية

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 17:24 2024 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

جهاز مبتكر ورخيص يكشف السرطان خلال ساعة

GMT 05:30 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

ميسي يثير الغموض حول مشاركته في كأس العالم 2026

GMT 13:21 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الأهلي يتعاقد مع "فلافيو" كوم حمادة 5 سنوات

GMT 02:31 2021 الإثنين ,22 آذار/ مارس

طريقة عمل اللازانيا باللحمة المفرومة

GMT 00:00 2023 الجمعة ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كولر يدرس تصعيد شباب الأهلي بعد تألقهم مع منتخب الشباب

GMT 02:52 2021 الجمعة ,11 حزيران / يونيو

ياسمين صبري تبهر متابعيها بـ إطلالة جديدة

GMT 02:00 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

مسعود أوزيل يغادر لندن للانضمام إلى صفوف فناربخشة التركي

GMT 07:13 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة لا ينبغي تقديمها للأطفال في فصل الشتاء تعرّفي عليها
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon