بقلم: د. محمود خليل
الجيل زد (جيل الشباب والمراهقين) يصح أن نصفه بأنه «جيل افتراضى». الميول الافتراضية لدى أبناء الجيل «زد» يمكن أن ترصدها بسهولة من عدد الساعات التى يقضيها المراهق أو الشاب أمام جهاز الموبايل، والحالة النفسية السيئة التى يعيشها فى حالة وجود عطل فى الموبايل أو وجود مشكلة فى التفاعل مع شبكات التواصل الاجتماعى. ويكاد يكون «سحب الموبايل» من المراهق أو الشاب هو أتعس عقاب يمكن أن ينزل على رأسه ويؤلمه ألماً شديداً، لأنه ببساطة يمارس حياته كاملة من خلال هذا الجهاز الصغير الذى يلج به إلى العالم الافتراضى الذى يحب الحياة فيه. بعض أبناء الجيل «زد» ينامون والموبايل إلى جوارهم أو يرقد فى أحضانهم. الطابع الافتراضى أدى إلى دمغ «الجيل زد» بسمتين أساسيتين، أولهما سمة «التشوش المعلوماتى»، والثانية سمة «الحياة داخل مجموعة».
يعتمد الجيل «زد» على مواقع التواصل الاجتماعى كمصدر للحصول على المعلومات بنسبة كبيرة. ولا يخفى عليك ما تحمله هذه المواقع فى أحوال من معلومات مشوشة وغير دقيقة بل وكاذبة فى بعض الأحوال. ولا يكترث أغلب هذا الجيل كثيراً بمسألة التدقيق فى معلومة أو البحث عن مدى مصداقيتها. فروح القبول عنده ترتبط بقاعدة «الهوى» فهو يقبل ما يروقه نفسياً ومعرفياً ويعتبره صادقاً ما وافق هواه، وينبذ ما عداه. ومسألة قبول أو رفض المعلومة أو الفكرة عنده ترتبط بما يمكن أن نطلق عليه «روح المجموعة». ونقصد بالمجموعة هنا «الجروب» الذى يجمع المراهق أو الشاب بأصدقائه ومعارفه على مواقع التواصل الاجتماعى. ويجمع «الجروب» عدداً من الأفراد ذوى الاهتمامات والميول والمواقف المشتركة والمزاج المتشابه. وبإمكان الفرد أن يتحكم فى مجموعته كما يشاء، فيحذف أو يقبل من الأصدقاء من يشاء.
ولأن المجموعة بطبيعتها مغلقة على نفسها فهى تعد المصدر الأول للمعرفة والحصول على المعلومات لدى أفرادها، من خلال ما يتم تشييره من أخبار أو فيديوهات أو صور أو غير ذلك، وغلبة روح القطيع على المجموعة لا تدع لأفرادها فرصة -فى أغلب الأحوال- للتحقق من مصداقية ما تحمله من معلومات. كما تمثل المجموعة المطبخ الأساسى لتكوين الآراء ووجهات النظر لدى أفرادها من خلال ما يتم نشره من تدوينات (بوستات)، وتعلو قيمة البوست وقدرته على التأثير على الفرد -إعمالاً لمبدأ روح القطيع- كلما زادت «اللايكات» ومعدلات الشير. وتوفر المجموعة أيضاً أداة للدردشة بين أفرادها. وقد تتواصل عملية الدردشة عبر ساعات طويلة من اليوم.
سقوط أفراد الجيل «زد» فى شبكة الجروب والمعرفة المشوشة خلافاً للأجيال الأخرى التى سبقته أدى إلى تنميطه. يظهر ذلك فى التشابه بين مجموعات المراهقين، وكذا الشباب، فى أنماط التفكير والتفضيلات والمواقف والسلوكيات. وفى الوقت نفسه يؤدى الانغلاق على الجروب إلى توليد نوع من الاستقطاب بين أفرادها ضد كل من يخالفهم فى أسلوب الحياة. وهو استقطاب تغذيه المعلومات والتدوينات المنغلقة المساندة له داخل المجموعة، وقدرة أفرادها على حذف واستبعاد أية معلومات أو تدوينات أخرى تناقض القناعة أو الرأى أو التصور المطروح بداخلها.