توقيت القاهرة المحلي 21:23:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

التحرش بالمشكلات

  مصر اليوم -

التحرش بالمشكلات

بقلم: د. محمود خليل

لقد أصبحنا مجتمعاً عجيباً.. لا يعرف إلا الجدل العقيم.. هل ذلك بفعل مواقع التواصل الاجتماعى؟. وارد بالطبع أن تكون هذه المواقع عاملاً مهماً فى سيطرة خطاب حدى يعتمد على فكرة الاستقطاب، ويرفض أية وجهة نظر مخالفة، وينفى الآخر من أرض العالم الافتراضى، ويتجه إلى دعوَشة «من الداعشية» أى موضوع، وتحويل الحبة إلى «قبة»، لتصعيد موضوعات تافهة وتهميش موضوعات أخرى عظيمة الأهمية وشديدة التأثير على حاضرنا ومستقبلنا.

على هامش واقعة التحرش، المتهم فيها طالب بإحدى الجامعات الأجنبية بمصر، اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعى، بالقيل والقال، واشتد التفاعل مع بعض الحالات التى زعمت صاحباتها أنهن من ضحايا هذا الذئب. عند هذا الحد يمكن قبول الأمر، فلا بأس أن يهتم الناس بموضوع التحرش ويحاربوه، لكن مستخدمى الإنترنت وقد اعتادوا على التعامل الاستهلاكى مع القضايا والأحداث، لم يكتفوا، ولحسن الحظ فقد وجدوا مَن يلقى إليهم بسبوبة للكلام والحديث عبر رأى شاذ، يؤدى إلى ظهور «النشطاء الجبهويين» الذين ينتمى كل منهم إلى جبهة أو فريق أو معسكر معين ليشعلوا مواقع التواصل بالثرثرة.

فجأة خرج «نشطاء جبهويون» يكيلون الاتهامات للمؤسسات الدينية، ويرددون أن أحاديث المشايخ عن الحجاب وتسفيه التبرج، يغرى بعض الشباب بالتحرش بالمتبرجات، ولا ينسون فى «حمقة» الكلام أن يتهموا هذه المؤسسات فى ملفات أخرى عديدة. المضحك فى الأمر أن كثيراً من هؤلاء من المؤمنين بضرورة الفصل بين الدين والدولة، وتحييد أدوار المؤسسات الدينية، وهم يتناقضون مع أنفسهم حين «يفصّصون» دورها فى هذه القضية أو تلك.

وحتى يكتمل المشهد ويشتعل النقاش أكثر ويغرق رواد المواقع فى الجدل العقيم، لا بد أن يظهر مفتول العضلات حليق الرأس الممثل الشبابى للمؤسسات الدينية ليدلى بدلوه فى البئر، يخرج «الجبهوى النقيض» فيقول إن أصل العلة فى التحرش يرتبط بلبس البنات الذى يشف ويرف ويصف، وكأن المحجبات لا يتعرضن للتحرش!.

كارثة هذا النوع من الجدل أنه لا يعالج مشكلات، لأنه ببساطة يعتمد على التفكير الدائرى الذى يبدأ من نقطة ثم يعود إليها هى نفسها. وأراهن أنك لو راجعت التدوينات التى كُتبت حول أى واقعة تحرش سابقة، فستجد الكلام نفسه، والجدال ذاته، ونفس الكائنات الجبهوية الحدية.

الهدف الأول والأخير للجدل الساذج الذى يشتعل من حين إلى آخر على مواقع التواصل هو استهلاك المشكلات وليس حلها، أو بعبارة أخرى التحرش بها. فالتحرش يعكس نظرة متخلفة للمرأة تعتبرها سلعة. واستهلاك السلعة يتطلب وجود «زباين» يرفعون أعداد «الشير واللايك والكومنت»، ولكى يعمل العداد بالسرعة المطلوبة ويخلق التريند -ما يدفع وسائل الإعلام إلى التنويه به ومعالجة قضيته- لا بد من استخدام خطاب زاعق مثير، وليس يهم أن يكون متناقضاً مع العقل أو معدوم المنطق، فالمهم أن يشجع على الاستقطاب ويغازل روح الفريق «التويترى» أو «الفيس بوكى». فذلك هو المهم. كرر ثم كرر.. سطّح ثم سطّح.. استخدم لغة زاعقة ثم صارخة تنال المراد من الرواد، فيمطرونك بالشير واللايك والكومنتات وخلافه، حتى لو اجتروا نفس الكلام وأعادوا ما قالوه بالأمس اليوم أو غداً أو كرروا بعضهم البعض.. حاجة مزعجة بصراحة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التحرش بالمشكلات التحرش بالمشكلات



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 15:26 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو وميسي على قائمة المرشحين لجوائز "غلوب سوكر"
  مصر اليوم - رونالدو وميسي على قائمة المرشحين لجوائز غلوب سوكر

GMT 00:04 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية
  مصر اليوم - حسين فهمي يعرب عن دعمه للأفلام الفلسطينية واللبنانية

GMT 15:30 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025
  مصر اليوم - ميتا تعتزم إضافة الإعلانات إلى ثردز في 2025

GMT 11:43 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تامر حسني يدعو لتبني طفل عبقري

GMT 14:33 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة رانيا العبدالله تستمتع بوقتها مع حفيدتها

GMT 07:55 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتقاضى 634 ألف دولار يومياً مع النصر السعودي

GMT 09:37 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار السيارات الكهربائية في طريقها لتراجع كبير

GMT 01:56 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

التعليم.. والسيارة ربع النقل!

GMT 05:08 2024 الأربعاء ,21 آب / أغسطس

مرشح رئاسي معتدل ينتقد سياسة الحجاب في إيران

GMT 05:33 2021 الأحد ,26 كانون الأول / ديسمبر

جالطة سراي يخطر الزمالك بتفعيل بند شراء مصطفى محمد

GMT 03:52 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تدريس الرياضيات يحسّن من مستوى الطلبة؟

GMT 23:31 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

توقيف سيدة تُدير شبكة دعارة داخل شقة سكنية في السويس
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon