توقيت القاهرة المحلي 10:17:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«مراد».. و«نجيب»

  مصر اليوم -

«مراد» و«نجيب»

بقلم: د. محمود خليل

ما فهمته من كلام الروائى أحمد مراد عن الراحل العظيم نجيب محفوظ أنه أراد القول إن أدب صاحب نوبل «ابن زمنه» وابن الإيقاع الذى حكم زمنه، وهو إيقاع امتاز بالبطء، وأن العصر الجديد الذى نحيا فى ظلاله يتميز بإيقاعه السريع. هذا الكلام صحيح. فكل زمن وله إيقاعه.. كما له أبطاله وظروفه وطبائعه. وليس هناك خلاف على أن التحول فى أساليب تلقى القراء للنصوص الأدبية يختلف عند الانتقال من زمن إلى زمن، لكن فى تقديرى أن ثمة أموراً فاتت على «مراد»، أو ربما لم تتحقق له الفرصة ليدلى بدلوه فيها، وهو يتحدث عن نجيب محفوظ.

استشهد «مراد» ببطء الأحداث فى رواية «السراب»، وهى رواية لها طبيعتها، فهى تعالج أمر شخصية شديدة التركيب والتعقيد، وكلامه عن بطء المحب فى المبادرة إلى مصارحة من يحبها بمشاعره تجد تبريرها فى طبيعتها الخاصة، وتجد تفسيرها أيضاً فى إيقاع الزمان الذى كُتبت فيه الرواية، لكن لو تجاوزنا «السراب» إلى مجموعة الروايات الأم لنجيب محفوظ وعلى رأسها أولاد حارتنا وملحمة الحرافيش، فأقدر أنها ترقى إلى مصاف الأعمال الإنسانية الكبرى التى يمكن أن تجد لها قراءً فى كافة العصور، فقد عرف «محفوظ» كيف يختار أفكارها ويرسم شخوصها وينسج أحداثها بصورة أنزلت الأفكار الكبرى من سماء التجريد الدينى والسياسى والاجتماعى إلى الحياة المعاشة. إنها أفكار وشخصيات وصياغات قادرة على تجاوز الأزمنة بل والأمكنة أيضاً.

ثمة جانب آخر فى أدب نجيب محفوظ يجب ألا نعبر عليه عبور الكرام، وهو أن الأوراق الروائية التى أنتجها احتضنت تأريخاً أصيلاً للحياة الاجتماعية فى مصر خلال القرن العشرين، وقد ظل «محفوظ» شغوفاً بنقل أحداث الحياة المصرية بكاميرا مصور محترف وقلم يجيد رسم الصور وقادر على بث الحياة فى الكلمات، حتى توقف عن الكتابة أواخر عمره. تجد هذا التأريخ حاضراً فى الثلاثية، وفى الباقى من الزمن ساعة، وحتى فى «يوم قتل الزعيم». كان نجيب محفوظ مراقباً دقيقاً للواقع وناقلاً أميناً لأحداثه وتفاعلات البشر معها. وتتحدد قيمة هذا المنحى فى كتاباته فى الاهتمام بـ«التاريخ الشعبى» للمصريين وكيف تأثروا بالأحداث وبالشخوص التى ظهرت على مسرح الحياة فى مصر طيلة قرن كامل من الزمان. وهو جانب أهمله العديد من المؤرخين.

وقد يكون من المهم أيضاً أن نفكر قليلاً فى الطبيعة الاستهلاكية لألوان الكتابة الأدبية التى تشتهر فى عصر معين، ثم تختفى فى عصور أخرى بفعل تغير الظروف، ونحدد بشكل دقيق الفارق بين ما تحمله من قيمة استهلاكية، وما تختزنه الكتابة الأدبية القادرة على عبور الأزمنة والأمكنة من قيمة إنسانية، ومن قدرة على التأثير فى أجيال مختلفة. لست أشك فى أن الكاتب أحمد مراد يعلم قيمة نجيب محفوظ جيداً، وربما لم يتح له الظرف ولا الفرصة لأن يعبر عما يعلمه من قيمة لأديب نوبل، لكن يبقى أن المعركة التى نشبت على هامش الرأى الذى طرحه تعكس حالة الاستقطاب التى أصبحت تحكم المجال العام فى مصر.

وقد يهمك أيضًا:

عاصفة إرهابية فى أفق الأدهمية

رحلة الوجع الأدهمى

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«مراد» و«نجيب» «مراد» و«نجيب»



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 04:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
  مصر اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon