توقيت القاهرة المحلي 20:16:08 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كنوز مصر

  مصر اليوم -

كنوز مصر

بقلم : د. محمود خليل

تختزن مصر ما يقرب من ثلثى آثار العالم، وهو أمر التفت إليه المسلمون الأوائل، واستدلوا عليه من المشاهد الظاهرة أمامهم التى كانت مبعث انبهار لهم، بالإضافة إلى ما حكاه القرآن عن كنوز هذه الأمة. يقول «المقريزى» فى «خططه»: وبمصر كنوز يوسف، عليه السلام، وكنوز الملوك من قبله، والملوك من بعده، لأنه كان يكنز ما يفضل عن النفقات والمؤن لنوائب الدهر، وهو قول اللّه عز وجل‏: «فَأَخْرَجْنَاهُم مِّن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ».

والمتتبع للفترة الزمنية التى أعقبت فتح عمرو بن العاص لمصر يلاحظ أن الفاتح الإسلامى لم يهن الآثار المصرية أو يعتدى عليها، والأبرز أنه لم يطمع فيها، ولا يستطيع المحلل أن يحسم السبب فى ذلك، وهل يتعلق بأن كنوز مصر الظاهرة وخيرها الوفير أغنت الفاتحين الأوائل عن البحث عن كنوزها الدفينة، أم أن المسألة مردها احترام تراث الأمم السابقة؟. وربما مال البعض إلى ترجيح السبب الأول الذى يذهب إلى أن الخير الظاهر أغنى جند عمرو بن العاص عن البحث عن الدفائن، مستشهدين فى هذا المقام بموقف سعد بن أبى وقاص بعد فتح بلاد فارس، حيث نظر إلى آثار كسرى كغنيمة حرب.

يحكى صاحب «البداية والنهاية»: «حين دخل سعد إيوان كسرى، تلا قوله تعالى: (كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ، وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ، وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ، كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ)، ثم أرسل السرايا فى أثر كسرى يزدجرد، فلحق بهم طائفة، فقتلوهم وشردوهم واستلبوا منهم أموالاً عظيمة. وأكثر ما استرجعوا من ملابس كسرى وتاجه وحليه، وشرع سعد فى تحصيل ما هنالك من الأموال والحواصل والتحف مما لا يقوم ولا يحد ولا يوصف كثرة وعظمة، وكان هناك تماثيل من جص، فنظر سعد إلى أحدها، وإذا هو يشير بإصبعه إلى مكان، فقال سعد: إن هذا لم يوضع هكذا سدى، فأخذوا ما يسامت إصبعه، فوجدوا قبالتها كنزاً عظيماً من كنوز الأكاسرة الأوائل، فأخرجوا منه أموالاً عظيمة جزيلة وحواصل باهرة وتحفاً فاخرة، واستحوذ المسلمون على ما هنالك من جواهر نفيسة التى تحير الأبصار، وكان فى جملة ذلك تاج كسرى وقباؤه وبساط إيوانه، وكان مربعاً، ستون ذراعاً فى مثلها من كل جانب، والبساط مثله سواء، وهو منسوج بالذهب واللآلئ والجواهر الثمينة، وفيه مصور جميع ممالك كسرى بأنهارها وقلاعها وأقاليمها وكنوزها».

ويستطرد «ابن كثير» قائلاً: «فتحصل الفىء على أمر عظيم من الأموال، وشرع سعد فخمّسه، وأمر سلمان الفارسى فقسّم الأربعة أخماس بين الغانمين، واستوهب سعد أربعة أخماس البساط ولبس كسرى من المسلمين ليبعثه إلى عمر والمسلمين بالمدينة لينظروا إليه ويتعجبوا منه، فطيبوا له ذلك، وأذنوا فيه فبعثه سعد إلى عمر مع الخمس. ولما نظر عمر إلى ذلك قال: إن قوماً أدوا هذا لأمناء، فقال له على بن أبى طالب إنك عففت فعفت رعيتك، ولو رتعت لرتعت، ثم قسّم عمر ذلك فى المسلمين، فأصاب علياً قطعة من البساط فباعها بعشرين ألفاً، وقد ذكر سيف بن عمر أن عمر بن الخطاب ألبس ثياب كسرى لخشبة ونصبها أمامه ليرى الناس ما فى هذه الزينة من العجب وما عليها من زهرة الحياة الدنيا الفانية، ثم ألبسها لسراقة بن مالك».

نقلا عن الوطن القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كنوز مصر كنوز مصر



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 19:55 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025
  مصر اليوم - أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 23:00 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قواعد الإتيكيت الخاصة بشراء الملابس

GMT 12:07 2018 الجمعة ,05 تشرين الأول / أكتوبر

الجبلاية تستقر على خصم 6 نقاط من الزمالك

GMT 17:18 2021 الخميس ,26 آب / أغسطس

أشهر مميزات وعيوب مواليد برج العذراء

GMT 23:49 2020 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

ملخص وأهداف مباراة الزمالك والمقاولون العرب في الدوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon