توقيت القاهرة المحلي 20:27:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

وهم «الإسلام هو الحل»

  مصر اليوم -

وهم «الإسلام هو الحل»

بقلم: د. محمود خليل

على مدار عدّة عقود تتجاوز الثمانية تركز فكر الإخوان المسلمين حول شعار «الإسلام هو الحل»، بما يرتبط به من أفكار أساسية وتأسيسية. وبعيداً عن مسألة الجدل حول هذا الشعار، فقد دأبت الجماعة على تجميع مريديها حول مفهوم الدولة الإسلامية، التى تطبّق الشريعة وتتمثل التاريخ الإسلامى فى مراحله الأولى، وظلت الجماعة تُظهر هذه الأفكار الراسخة حيناً وتُبطنها حيناً طوال ما يزيد على ثمانين عاماً، تبعاً لتطور الظروف. فقد كان أفرادها، خصوصاً من القيادات، حريصين أشد الحرص على تطبيق مبدأ التقية. وربما فسر هذا الأمر حالة التلون وتمييع المواقف التى ميّزت أداء الجماعة. وقد ظل هذا التلون والتمييع سارى المفعول، حتى قامت ثورة الخامس والعشرين من يناير، فشاء الله أن تتبدّل بالأحوال القديمة، غيرها أخرى جديدة.

تمثل الجديد الذى أفرزته الثورة فى إخراج جماعة الإخوان من دائرة الملاحقة إلى دوائر صناعة القرار، ومن العمل فى الظلام إلى العمل فى النور، وبالتالى لم يعد هناك معنى للتلون فى تقديم الأفكار أو التمييع فى الإجابة عن الأسئلة التى تطرح عليهم حول تصورهم للمجتمع والدولة. فقد خلقت الثورة زخماً جديداً تعالت فيه كل الأصوات وأتيحت من خلاله مساحة لكل القوى لكى تعبر عن نفسها وعن أفكارها. وأمام هذا الاختلاف المرتكن إلى معادلة زمنية جديدة شرع رموز الإخوان فى طرح أفكارهم حول الدولة المدنية (فى الفترة من 2011 - 2013)، رغم تناقض ذلك مع فكرة الدولة الإسلامية التى تحلّقت الجماعة حولها سنين طويلة، وبدأوا يتحدثون عن الديمقراطية، رغم ما سبق وكالته أقلام بعضهم من نقد للديمقراطية كاختراع غربى يعطى الحكم للشعب ويرفض الانصياع لقاعدة «إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ». كل أو جل هذه الأفكار أصبحت تتكرر ليل نهار على ألسنة رموز وقيادات جماعة الإخوان المسلمين عبر وسائل الإعلام المختلفة. وهى أفكار تتناقض بالإجمال والتفصيل مع ما كانت تؤكده الأدبيات التقليدية للجماعة.

وفى ظل المعادلة الزمنية الجديدة التى أفرزتها ثورة يناير، لم يكن لعاقل أن ينظر إلى الأفكار الجديدة للجماعة كتعبير عن حالة التلون والمراوغة أو إعمال للمبدأ الإخوانى القديم فى التقية، كما يصعب القول إن الأفكار الجديدة تُشكل تحولاً أو تطوراً فى أسلوب أو منهجية الجماعة. إنها أفكار وجدت الجماعة نفسها مضطرة لتأكيدها فى زخم لم يعد يقبل الكلام الإنشائى والشعارات العامة التى احترف الإخوان توظيفها فى ما سبق. ظن بعض المغرورين فى الجماعة أن بإمكانهم إمساك العصا من المنتصف واللعب على كل الحبال فى سبيل تحقيق أهدافها فى التربّع على كرسى الحكم، لكنها لم تفلح وكل الذى حدث هو تآكل الشعار الذى تمحورت حوله الجماعة سنين عدداً، شعار «الإسلام هو الحل».

لقد أصبحت معادلة «الإسلام هو الحل» مجرد ذكرى، وبات الكثير من الأفكار التى تماسكت حولها جماعة الإخوان سنين طويلة مجرد تاريخ. ومن الطبيعى أن يؤدى تفكك الأفكار فى الزمن الجديد إلى تفكك البنى التنظيمية للجماعة، لأن تفكك الفكرة أخطر بكثير من تفكك التنظيم. لقد وضعت معادلة «الإسلام هو الحل» تحت الاختبار بعد أن وصل الإخوان إلى الحكم منتصف عام 2012، وأثبتت الجماعة فشلاً غير مسبوق فى إدارة دولاب الدولة، بعد سنين طويلة ظلت تنعى فيها على واقع سياسى يحتفى بالاشتراكية والليبرالية والرأسمالية، دون أن يفكر فى تجريب معادلة «الإسلام هو الحل». والتجربة كانت خير برهان على فشل الجماعة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وهم «الإسلام هو الحل» وهم «الإسلام هو الحل»



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 04:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
  مصر اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 23:00 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

البيت الأبيض يصف كتاب "بوب وودورد" بأنه "قصص ملفقة"

GMT 09:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار في الديكور للحصول على غرفة معيشة مميزة في 2025
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon