توقيت القاهرة المحلي 10:17:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سوق الوهم.. وسوق الهموم

  مصر اليوم -

سوق الوهم وسوق الهموم

بقلم: د. محمود خليل

بعد أن هدأت عاصفة السجال الافتراضى حول وزيرة الصحة عقب وفاة وإصابة عدد من طبيبات التكليف بالمنيا فى حادث ميكروباص، رحم الله من قابلن وجه ربهن وشفى المصابات، يصح أن نلفت النظر إلى حالة أصبحت تسيطر على أسلوب تفكيرنا وتعاطينا للأحداث. توازى مع واقعة طبيبات المنيا واقعة أخرى شديدة الأهمية تتعلق بالاستجواب البرلمانى الموجه للوزيرة بشأن تهالك مستشفى بولاق العام. فلأول مرة فى تاريخ مجلس النواب الحالى يقف وزير فى استجواب أمام النواب. اللقطات التى تداولها بعض النواب على صفحاتهم حول كلماتهم التى وجهوها إلى وزيرة الصحة تؤشر إلى صورة جديدة لم نعهدها فى هذا المجلس عبر السنوات الماضية، ورغم أن الجلسة لم تتمخض عن سحب الثقة من الوزيرة، بسبب غياب بعض النواب الذين تقدموا بطلب سحب الثقة، مما أدى إلى عدم اكتمال النصاب القانونى للتصويت، إلا أنها مثلت لحظة نشاط فارقة فى تاريخ طويل من الكسل النيابى عن محاسبة الحكومة وأعضائها.

لم يهتم الكثيرون بأمر «استجواب الوزيرة» مثلما انشغلوا بمأساة طبيبات المنيا، فتم تدشين هاشتاج على موقع تويتر تحت عنوان «إقالة وزيرة الصحة» شارك فى التعليق عليه العديد من المغردين، أضف إلى ذلك التدوينات التى تدفقت على موقع «فيس بوك» حول الموضوع ذاته. وأمام هذه العاصفة الإلكترونية قام المتحدث الإعلامى باسم الوزارة بتدشين هاشتاج تحت عنوان «ادعم الدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة». وهو عنوان ذكرنى بعناوين المستشفى إياها التى كانت تقول للمواطن «تعاطفك لوحده مش كفاية.. اتبرع ولو بجنيه». وبعيداً عن السجال الافتراضى الذى ارتبط بمأساة طبيبات المنيا أجد من المهم لفت النظر إلى أن رواد التواصل الاجتماعى كانوا يحاسبون الوزيرة على مجمل أدائها، وكذلك نواب الشعب خلال جلسة الاستجواب. الطرفان الشعبى والنيابى كانا فى انتظار واقعة تفجر حالة الغضب على الأداء العام للوزيرة خلال السنوات الماضية، وقد تحققت شعبياً فى حادثة الطبيبات، ونيابياً فى موضوع مستشفى بولاق العام.

انخفاض معدلات اهتمام رواد التواصل بأمر الاستجواب وانشغالهم بالهاشتاجات والتدوينات يشف عن حالة يعيشها المصريون منذ فترة من الزمن أصبحوا يؤثرون معها الحياة الافتراضية على الأفعال الواقعية. المواطن اليوم أصبح غارقاً فى مجموعة من الصور والتعليقات والفيديوهات التى تنقل زاوية واحدة من زوايا الواقع أو تعرض أحداثه من وجهة نظر واحدة. فالتعاطى الافتراضى غلب التعاطى الواقعى، والحياة على ورق أو على شاشة حاسب أو موبايل والتوهان فيها أصبحت تتفوق على شغف الإنسان بمعرفة الحقائق التى تدور على الأرض. قديماً كان علماء السياسة المستفيدون من نتاج البحث اللغوى يفرقون بين نوعين من الحياة: الحياة فى الكلمات، والحياة فى الواقع، وأشاروا إلى أن الحياة فى الكلمات تعنى تعاطى الأحداث عن طريق مانشتات الصحف وتقارير وسائل الإعلام التقليدى، أما الحياة فى الواقع فتعنى معاينة الحقائق على أرض الواقع. ولم يكن مطلوباً من المواطن طبقاً لهذا المفهوم أن يكون حاضراً فى كل واقعة، إذ يكفيه أن يكون ذكياً فى اختبار ما يقرأ أو يسمع على مشاهدات الواقع، وملاحظة إلى أى حد تتفق أو تتناقض الظروف المعيشية مع ما تقوله الكلمات، لأن ثمة فارقاً كبيراً بين سوق الوهم وسوق الهموم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سوق الوهم وسوق الهموم سوق الوهم وسوق الهموم



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 04:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
  مصر اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon