توقيت القاهرة المحلي 15:37:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سوق الوهم.. وسوق الهموم

  مصر اليوم -

سوق الوهم وسوق الهموم

بقلم: د. محمود خليل

بعد أن هدأت عاصفة السجال الافتراضى حول وزيرة الصحة عقب وفاة وإصابة عدد من طبيبات التكليف بالمنيا فى حادث ميكروباص، رحم الله من قابلن وجه ربهن وشفى المصابات، يصح أن نلفت النظر إلى حالة أصبحت تسيطر على أسلوب تفكيرنا وتعاطينا للأحداث. توازى مع واقعة طبيبات المنيا واقعة أخرى شديدة الأهمية تتعلق بالاستجواب البرلمانى الموجه للوزيرة بشأن تهالك مستشفى بولاق العام. فلأول مرة فى تاريخ مجلس النواب الحالى يقف وزير فى استجواب أمام النواب. اللقطات التى تداولها بعض النواب على صفحاتهم حول كلماتهم التى وجهوها إلى وزيرة الصحة تؤشر إلى صورة جديدة لم نعهدها فى هذا المجلس عبر السنوات الماضية، ورغم أن الجلسة لم تتمخض عن سحب الثقة من الوزيرة، بسبب غياب بعض النواب الذين تقدموا بطلب سحب الثقة، مما أدى إلى عدم اكتمال النصاب القانونى للتصويت، إلا أنها مثلت لحظة نشاط فارقة فى تاريخ طويل من الكسل النيابى عن محاسبة الحكومة وأعضائها.

لم يهتم الكثيرون بأمر «استجواب الوزيرة» مثلما انشغلوا بمأساة طبيبات المنيا، فتم تدشين هاشتاج على موقع تويتر تحت عنوان «إقالة وزيرة الصحة» شارك فى التعليق عليه العديد من المغردين، أضف إلى ذلك التدوينات التى تدفقت على موقع «فيس بوك» حول الموضوع ذاته. وأمام هذه العاصفة الإلكترونية قام المتحدث الإعلامى باسم الوزارة بتدشين هاشتاج تحت عنوان «ادعم الدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة». وهو عنوان ذكرنى بعناوين المستشفى إياها التى كانت تقول للمواطن «تعاطفك لوحده مش كفاية.. اتبرع ولو بجنيه». وبعيداً عن السجال الافتراضى الذى ارتبط بمأساة طبيبات المنيا أجد من المهم لفت النظر إلى أن رواد التواصل الاجتماعى كانوا يحاسبون الوزيرة على مجمل أدائها، وكذلك نواب الشعب خلال جلسة الاستجواب. الطرفان الشعبى والنيابى كانا فى انتظار واقعة تفجر حالة الغضب على الأداء العام للوزيرة خلال السنوات الماضية، وقد تحققت شعبياً فى حادثة الطبيبات، ونيابياً فى موضوع مستشفى بولاق العام.

انخفاض معدلات اهتمام رواد التواصل بأمر الاستجواب وانشغالهم بالهاشتاجات والتدوينات يشف عن حالة يعيشها المصريون منذ فترة من الزمن أصبحوا يؤثرون معها الحياة الافتراضية على الأفعال الواقعية. المواطن اليوم أصبح غارقاً فى مجموعة من الصور والتعليقات والفيديوهات التى تنقل زاوية واحدة من زوايا الواقع أو تعرض أحداثه من وجهة نظر واحدة. فالتعاطى الافتراضى غلب التعاطى الواقعى، والحياة على ورق أو على شاشة حاسب أو موبايل والتوهان فيها أصبحت تتفوق على شغف الإنسان بمعرفة الحقائق التى تدور على الأرض. قديماً كان علماء السياسة المستفيدون من نتاج البحث اللغوى يفرقون بين نوعين من الحياة: الحياة فى الكلمات، والحياة فى الواقع، وأشاروا إلى أن الحياة فى الكلمات تعنى تعاطى الأحداث عن طريق مانشتات الصحف وتقارير وسائل الإعلام التقليدى، أما الحياة فى الواقع فتعنى معاينة الحقائق على أرض الواقع. ولم يكن مطلوباً من المواطن طبقاً لهذا المفهوم أن يكون حاضراً فى كل واقعة، إذ يكفيه أن يكون ذكياً فى اختبار ما يقرأ أو يسمع على مشاهدات الواقع، وملاحظة إلى أى حد تتفق أو تتناقض الظروف المعيشية مع ما تقوله الكلمات، لأن ثمة فارقاً كبيراً بين سوق الوهم وسوق الهموم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سوق الوهم وسوق الهموم سوق الوهم وسوق الهموم



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:38 2024 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

أفضل ماركات العطور النسائية للخريف

GMT 01:24 2018 الخميس ,28 حزيران / يونيو

تذبذب أسعار الدواجن في الأسواق المصريةالخميس

GMT 21:46 2016 الإثنين ,14 آذار/ مارس

تعرَف على جمال مدينة "دهب" جنوب سيناء

GMT 18:21 2024 الثلاثاء ,06 شباط / فبراير

أهمية تناول المكملات الغذائية يومياً

GMT 10:03 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

أفكار تنسيق موديلات عبايات أسود وذهبي للمناسبات

GMT 00:30 2021 الأربعاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

عطل في تطبيق جيميل Gmail والمستخدمون يلجأون لتويتر

GMT 09:01 2021 الأربعاء ,08 أيلول / سبتمبر

ليلى طاهر تعلن اعتزالها التمثيل دون رجعة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon