توقيت القاهرة المحلي 05:01:06 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فيروس "متحيز جداً"

  مصر اليوم -

فيروس متحيز جداً

بقلم: د. محمود خليل

أغلب شعوب العالم تعيش حالة عميقة من الاضطراب والحيرة وهى تتابع مسارات انتشار فيروس كورونا. كثيرون يتساءلون: لماذا لا توجد فروق ذات قيمة بين الدول التى فرضت حزمة من الإجراءات الاحتياطية لمنع انتشار الفيروس والدول التى لم تفرض سوى سلسلة محدودة من الإجراءات، وتركت الناس فى الشارع والعمل؟ ولماذا يجد الفيروس بيئة خصبة فى الدول الأكثر ثراء وتقدماً، فى حين يبدو على عكس ذلك داخل بعض الدول الأقل تقدماً؟. وما السر فيما تقوله إحصائيات الوفاة بالفيروس، حول ارتفاع نسبة المتوفين من السود قياساً إلى البيض (فى الولايات المتحدة)، والرجال قياساً إلى النساء، وكبار السن أكثر من الصغار؟.

الأرقام قد تكذب لبعض الوقت، لكنها لا تستطيع أن تتجمل أو تجمّل الواقع طول الوقت. المقارنة بين الأرقام التى تعلنها كل من الولايات المتحدة والبرازيل حول انتشار الفيروس تثير الحيرة. عدد المصابين فى الولايات المتحدة يقترب من 600 ألف شخص، وعدد المتوفين يتجاوز الـ22 ألفاً. فى المقابل يبلغ عدد المصابين فى البرازيل ما يقرب من 23 ألفاً، وعدد المتوفين ما يقرب من 1500 شخص!. رحلة فيروس كورونا بدأت فى كل من الولايات المتحدة والبرازيل فى نفس التوقيت «17 مارس 2020». تعامل «ترامب» بخفة مع الأمر فى البداية، ثم بدأ فى اتخاذ إجراءات تصاعدية وصلت منذ يومين إلى إعلان حالة «الكارثة الكبرى» فى كافة الولايات الأمريكية. فى المقابل استخف الرئيس البرازيلى «جايير بولسونارو» بالأمر، ولم يغير رأيه، كما فعل «ترامب»، واتهم الإعلام بإشاعة الهلع والخوف بين الناس، ووصف كورونا بأنها «مجرد إنفلونزا صغيرة»، وأضاف: «لا يمكننى أن أوقف مصنعاً لإنتاج السيارات بسبب وقوع حوادث». مؤكداً أن الأرقام الخاصة بالإصابات داخل كل من الولايات المتحدة والبرازيل لا بد أن تقرأ فى سياقاتها، فعدد سكان الولايات المتحدة يزيد على 327 مليوناً، والعدد فى البرازيل 210 ملايين، ولكن علينا أن نأخذ فى الاعتبار أن مستوى الرعاية الصحية فى الولايات المتحدة الأمريكية أفضل من نظيره فى البرازيل. وفى كل الأحوال يبقى السؤال: ألا تثير المقارنة بين الدولتين الحيرة؟

والمتتبع لخريطة انتشار فيروس كورونا فى قارات ودول العالم المختلفة يلاحظ أن جغرافيا الثراء والاستقرار والقدرة تسير جنباً إلى جنب مع «الفيروس». فالانتشار الأكبر يظهر داخل المساحات الجغرافية الأكثر تقدماً فى الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وآسيا، ويقل بعد ذلك فى أمريكا الجنوبية وأستراليا وأفريقيا. هل يكمن تفسير ذلك فى عادات أو أجواء معينة أو ظروف أو إرادات محددة تجعل الدول الأكثر تقدماً واستقراراً، مثل أمريكا وإسبانيا وألمانيا وإنجلترا أشد عرضة للإصابة من الدول التى يهلكها ضعف المقدرات والصراعات الداخلية، مثل سوريا واليمن والعديد من الدول الأفريقية الأخرى؟. الإرادة هنا يمكن أن نفهمها بالمدلول البشرى، ويصح أن نفهمها أيضاً بالمدلول الإلهى الذى تجد ترجمة بديعة له فى المثل المصرى الذى يقول: «ربنا بيبعت البرد على قد الغطا».

فيروس كورونا يبدو متحيزاً على مستويات عديدة، اثنية وعمرية ونوعية، وكأنه يختار ضحاياه. هذا التحيز هو سر اللخبطة والحيرة التى تضرب العقل البشرى حالياً، خصوصاً أن محاولاته لتفسيرها عادة ما تكون معدومة الجدوى.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فيروس متحيز جداً فيروس متحيز جداً



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 10:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
  مصر اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 04:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
  مصر اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon