توقيت القاهرة المحلي 22:02:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«جنان» الوظيفة

  مصر اليوم -

«جنان» الوظيفة

بقلم: د. محمود خليل

الأيام لا تسير على وتيرة واحدة وظروف الحياة تتغير. ومع تبدل الأحوال يتغير الإنسان. وقد طرأ على «أدهم» بعد نزوله من البيت الكبير أحوال جديدة غيرت منه. فبعد الرحلة الطويلة التى خاضها فى بيع «الخضار» أراد أن يلحق بالتطورات الجذرية التى أحدثها الوالى الجديد محمد على فى الواقع. تذكر جلسته على المكتب الوثير المنصوب فى ساحة البيت الكبير لتحصيل الوقف من المستأجرين ثم سأل نفسه: ما الذى يمنعنى من الانخراط فى العالم الجديد الذى يشيده الوالى؟. سمع صوت نفسه وهو يناجيه: إنها فرصتك الوحيدة للعودة إلى الحياة التى تجمع بين الهيبة والاحترام والتمدد والاسترخاء بعيداً عن عنت الزرع والقلع والسياحة بقدمين حافيتين فى الحوارى والأزقة، وشرب المرار فى الفصال مع المشترين، ثم العودة آخر النهار بقروش معدودات لا تسمن ولا تغنى من جوع، يوماً يكسب قرشاً، ويوماً اثنين، ويوماً ثلاثة، ليعيش حياته مؤرقاً بالحرمان من الدخل الثابت الذى كان يتحقق له فى البيت الكبير. ها هى الفرصة متاحة الآن ليحقق كل أحلامه فى انتزاع الاحترام، والخلود إلى العمل الهين اللين، والحصول على الدخل الثابت. نظر «أدهم» فى الواقع الجديد الذى خلقه محمد على فوجد جنته فى «الوظيفة الميرى».

اهتم الوالى الجديد أشد الاهتمام بإنشاء الدواوين (الوزارات بالمصطلح الحديث) لإحكام سيطرة الدولة على مقدراتها وإيجاد أدوات قادرة على إدارتها بشكل يؤدى إلى تطويرها وتنميتها. وقد أدى ذلك إلى زيادة أهمية الوظائف الحكومية وارتفاع شأن أصحابها، كما يذكر «رزق نورى» فى كتابه «الفساد فى عصر محمد على». نظر «أدهم» حوله وبحث عن الوسيلة التى يستطيع من خلالها النفاذ إلى وظيفة داخل أحد دواوين الدولة. سأل أهل العلم الدواوينى: ما هو الطريق الأمثل للدخول إلى جنان الوظيفة الحكومية؟ وكان أهل العلم من الحصافة بمكان حين لخصوا له الإجابة فى كلمة واحدة: «المحسوبية». قرعت الكلمة أذنه وأخذ يقول لنفسه: أذكر أننى سمعت عن «المحاسيب»، إنهم محاسيب السيدة زينب من الدروايش والمتصوفة. تذكر وصفاً كان يسمعه باستمرار للسيدة زينب بنت على، وصف «رئيسة الديوان». خلص من ذلك إلى أن «المحسوبية» هى الطريق الطبيعى إلى «الديوان».

«أدهم» كان واقعياً للغاية. ففى مرحلة مبكرة من عصر محمد على -كما يذكر رزق نورى- كانت «المحسوبية» وسيلة للوصول للوظائف، فيقوم الشخص الذى يرغب فى الحصول على وظيفة بالتقرب من كبار رجال الدولة والذين يرتبطون بالوالى ارتباطاً وثيقاً ليتوسطوا له عند الوالى فى الحصول على منصب حكومى. وهو ما أكده «الجبرتى» فى حوادث سنة 1809 حين ذكر أنه نتيجة العلاقات القوية بين السيد سلامة النجارى ومحمد أفندى طبل، ناظر المهمات، فقد سعى الأخير لدى الوالى للحصول على وظيفة وإنعام للأول، فقدم محمد أفندى طبل إلى الوالى عدداً من الهدايا فأمر الوالى بتعيينه فى وظيفة. لم يكن هذا التقليد فى التعيين فى الوظائف الحكومية مرتبطاً بعصر محمد على وفقط بل تجاوزه إلى خلفائه فى الحكم. وتواصل حتى عصر الخديو إسماعيل حين بزغ نجم شقيقه فى الرضاعة «إسماعيل المفتش» كباب عالٍ من الأبواب التى كان يتعين على كل من يحلم بوظيفة محترمة فى الدواوين أن يطرق عليه، على أن يكون محملاً بالمسوغات التى تغرى «المفتش» بالسعى فى تعيينه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«جنان» الوظيفة «جنان» الوظيفة



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:14 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

محمد صلاح يتصدر قائمة أفضل 10 مهاجمين في أفريقيا
  مصر اليوم - محمد صلاح يتصدر قائمة أفضل 10 مهاجمين في أفريقيا

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 20:01 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أنغام تطلق فيديو كليب «تيجي نسيب» بتقنية Dolby Atmos لأول مرة
  مصر اليوم - أنغام تطلق فيديو كليب «تيجي نسيب» بتقنية Dolby Atmos لأول مرة

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 09:57 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

دليل بأهم الأشياء التي يجب توافرها داخل غرفة المعيشة

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 10:52 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

GMT 10:12 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز 5 ضحايا لهيمنة ميسي ورونالدو على الكرة الذهبية

GMT 09:36 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الدلو

GMT 01:58 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الكهرباء

GMT 10:39 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

أبوظبي وجهة مثالية لقضاء العطلة في موسم الشتاء الدافئ

GMT 03:57 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

8 منتخبات عربية في صدارة مجموعات تصفيات كأس العالم 2026
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon