بقلم: د. محمود خليل
اكتسبت الميليشيات الشيعية فى لبنان (حزب الله وحركة أمل) شعبيتها من مقاومة المحتل الإسرائيلى. فى كافة الحروب التى خاضها حزب الله على وجه التحديد ضد إسرائيل كان المواطن العربى يدافع عنه ويقف فى صفه، لأنه فى الأول والأخير يقاوم عدو العرب المشترك، لكن مياهاً كثيرة جرت فى النهر بعد تدخل حزب الله فى سوريا. ربما يكون البعض قد تفهم هذه الخطوة فى إطار حالة اللخبطة التى يعانى منها هذا القطر منذ اللحظة التى خرج فيها بعض المواطنين السوريين (مارس 2011) محتجين على استمرار بشار الأسد فى الحكم، لكن ما لا يستطيع أحد أن يتفهمه هى التهديدات التى ترددت على لسان حسن نصر الله وصدرت عن حركة أمل بالترافق مع اندلاع الاحتجاجات اللبنانية ضد الأوضاع الاقتصادية والمعيشية المتردية التى يعيشها هذا البلد.
بدأ التفاعل بتهديدات ترجمت خلال الأيام الأخيرة فى تحركات قامت عناصر حزب الله وأمل خلالها بالنزول إلى الشارع والتحرش بالمتظاهرين، وتصاعدت الأمور أكثر عندما بانت نية هذه العناصر فى فض الاعتصامات التى تشهدها شوارع لبنان بالقوة. وقف الجيش اللبنانى فى البداية موقف المتفرج، ثم حاول فض الاشتباكات التى وقعت بين عناصر حزب الله وأمل من ناحية والمتظاهرين من ناحية أخرى، لكنه فى كل الأحوال ظهر متعاطفاً مع فكرة إخلاء الشوارع من المحتجين.
يهدد حزب الله وحركة أمل الشعب اللبنانى بشبح الانفلات الأمنى ويوغلان أكثر فى التهديد عندما يذكران المواطن بالحرب الأهلية التى شهدها الشارع اللبنانى فى السبعينات. وتترافق التهديدات مع حرق خيام المعتصمين والسيارات المصطفة فى الشوارع كل ليلة ليصحو المواطن على مناظر الخراب فيحذر أكثر من النزول. وفى تقديرى أن استخدام حزب الله لأدوات القوة التى يمتلكها ضد المواطن اللبنانى يمثل الخطوة الأولى على طريق تفككه وانحلاله. فالمرء يمكن أن يتفهم أن يمتلك الحزب أدوات قوة لحماية الوطن ضد أطماع الخارج، لكن أن تستخدم ضد الشعب فذلك أمر آخر. الكل يعلم أن لبنان ليس بعيداً عن نظر الغرب. فالولايات المتحدة الأمريكية وكذا أوروبا وإسرائيل لن يتأخروا عن صب المزيد من الزيت على الحريق اللبنانى، لأن ذلك يصب فى منظومة مصالحهم. وبالتالى فأى خطوة يتخذها حزب الله أو حركة أمل فى اتجاه التصعيد مع الشارع تنذر بالوصول إلى عتبة النهاية.
بإمكان أى قوة أن تهزم عدواً خارجياً لأن القوة فى هذه الحالة تكون مدعومة بذريعة أدبية لا تخطئها عين، لكن أن توظف القوة فى قهر الشعوب وترويضها على قبول ما لا تقبله فذلك يعنى نقطة النهاية بالنسبة لأى حزب أو هيئة أو فرد يسقط فى هذا الفخ. وفى كل الأحوال لا يستطيع أى طرف يصارع الشعب أن يصرعه، فالشعب الأعزل أقوى وأقدر أمام أى قوة، وهو دائماً الرابح فى النهاية. أى قوة تضع نفسها فى موضع اختبار مصيرها الخسارة!