توقيت القاهرة المحلي 19:35:15 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الإخوان و«حرافيش الأداهم»

  مصر اليوم -

الإخوان و«حرافيش الأداهم»

بقلم: د. محمود خليل

نعود إلى حكايات «أدهم المصرى» ونقول إنه فيما بين الحربين العالميتين الأولى والثانية، وبالتحديد فى عام 1928، ظهر على مسرح الأحداث «أدهم» من نوع خاص امتد أثره من زمانه إلى ما بعد زمانه، والسر فى ذلك أنه فهم الثالوث الذى شكل الأساس الذى استوت عليه شخصية «أدهم» منذ بدأ رحلته فى خلاء المحروسة، ثالوث: «الخبز والدين والحلم بالسيادة». إنه الشيخ حسن البنا. ولد الشيخ الأدهمى بقرية «شمشيرة»، مركز فوة عام 1906، ونزح والده وهو صغير إلى بلدة المحمودية حيث افتتح محلاً لتصليح الساعات، ولقب بـ«الساعاتى»، حفظ الشيخ القرآن، والتحق بمدرسة المعلمين الأولية، ثم كلية دار العلوم، وعمل معلماً بإحدى مدارس الإسماعيلية ومنها انتقل للعمل بمدارس القاهرة.

جمع حسن البنا فى هيئته بين ملامح الأفندية والشيوخ. فقد كان مثل الأفندية يرتدى «البذلة» والطربوش، لكنه كان يماثل الشيوخ فى إطلاق اللحية واحتراف مهنة الوعظ الدينى. خلافاً لمن سبقه من زعماء «الأداهم» الذين قذفت بهم الظروف إلى منصات الزعامة، كان الشيخ الشاب يرى أنه ولد لكى يكون زعيماً، وأن الزعيم الحقيقى لا بد أن يكون مؤهلاً لذلك وليس زعيماً يصنعه ظرف. يحكى محمود عبدالحليم فى كتابه «أحداث صنعت التاريخ» أن «البنا» روى له أنه حضر ذات يوم امتحان الدبلوم النهائى بدار العلوم، وكان امتحاناً شفوياً، سأله الممتحن يومها: ما أحسن بيت أعجبك فى الشعر العربى؟ رد «البنا»: أحسن بيت أعجبنى هو قول طرفة بن العبد فى معلقته: «إذا القوم قالوا من فتى خلت بأننى عنيت.. فلم أكسل ولم أتبلد». ولعلك تذكر أن هذه الذكرى الأدهمية ظلت عالقة بذهن واحد من جماعة الإخوان شاء الله أن يصل إلى رئاسة مصر وهو الدكتور محمد مرسى، فقد ذكر بيت الشعر نفسه فى أحد البرامج التليفزيونية التى كان يروج بها لشخصه قبل انتخابات الرئاسة 2012.

اللافت أن حسن البنا كان يردد هذا الكلام فى فترة تاريخية شهدت مجموعة من الزعامات ذات العيار الثقيل، على رأسها مصطفى باشا النحاس، وعدلى باشا يكن، وأحمد حسين، زعيم مصر الفتاة، وغيرهم. ولا يخفى عليك ما يحمله ترديد بيت شعر «الفتى المنتظر» من نرجسية وولع بالذات وقناعة عجيبة بأن الأقدار هى التى تختار، وليس البشر هم الذين يختارون أقدارهم. وهذا النمط من التفكير هو جزء من «الروح الأدهمية». ولعلك تذكر الوصف الذى قدمه «بلنت» للزعيم أحمد عرابى فى كتابه «التاريخ السرى للاحتلال الإنجليزى لمصر» وقال فيه: «راح عرابى يسير بطريقة حالمة فى الطريق الذى رسمه له الحظ، وكبرت فى رأسه خرافة المصير الذى رسمه له القدر، وأن العناية الإلهية بعثته منقذاً لهذا الشعب». ليس تشابهاً بين شخصين، فقد كان «عرابى» يغرد فى وادٍ، و«البنا» فى وادٍ آخر، لكنها الروح الأدهمية التى تدمغ الأشخاص بنفس البصمة.

وقف الشيخ الشاب عام 1928 بميدان الإسماعيلية رافعاً كتاب الله فى يده، وشرع يهتف: «الطريق ها هنا.. الطريق ها هنا». وكأن الناس قد ضلت عن الدين، وهو كلام لا ينطلى إلا على «الأداهم الحرافيش»، فى حين لم يجد صدى لدى «أفندية الوفد» أو الأعيان وملاك الأرض «الدستوريين». وقد كان «البنا» دقيقاً فى اختيار طريقه مع «حرافيش الأداهم».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإخوان و«حرافيش الأداهم» الإخوان و«حرافيش الأداهم»



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 23:00 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

البيت الأبيض يصف كتاب "بوب وودورد" بأنه "قصص ملفقة"

GMT 09:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار في الديكور للحصول على غرفة معيشة مميزة في 2025
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon