توقيت القاهرة المحلي 21:39:37 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الإخوان و«حرافيش الأداهم»

  مصر اليوم -

الإخوان و«حرافيش الأداهم»

بقلم: د. محمود خليل

نعود إلى حكايات «أدهم المصرى» ونقول إنه فيما بين الحربين العالميتين الأولى والثانية، وبالتحديد فى عام 1928، ظهر على مسرح الأحداث «أدهم» من نوع خاص امتد أثره من زمانه إلى ما بعد زمانه، والسر فى ذلك أنه فهم الثالوث الذى شكل الأساس الذى استوت عليه شخصية «أدهم» منذ بدأ رحلته فى خلاء المحروسة، ثالوث: «الخبز والدين والحلم بالسيادة». إنه الشيخ حسن البنا. ولد الشيخ الأدهمى بقرية «شمشيرة»، مركز فوة عام 1906، ونزح والده وهو صغير إلى بلدة المحمودية حيث افتتح محلاً لتصليح الساعات، ولقب بـ«الساعاتى»، حفظ الشيخ القرآن، والتحق بمدرسة المعلمين الأولية، ثم كلية دار العلوم، وعمل معلماً بإحدى مدارس الإسماعيلية ومنها انتقل للعمل بمدارس القاهرة.

جمع حسن البنا فى هيئته بين ملامح الأفندية والشيوخ. فقد كان مثل الأفندية يرتدى «البذلة» والطربوش، لكنه كان يماثل الشيوخ فى إطلاق اللحية واحتراف مهنة الوعظ الدينى. خلافاً لمن سبقه من زعماء «الأداهم» الذين قذفت بهم الظروف إلى منصات الزعامة، كان الشيخ الشاب يرى أنه ولد لكى يكون زعيماً، وأن الزعيم الحقيقى لا بد أن يكون مؤهلاً لذلك وليس زعيماً يصنعه ظرف. يحكى محمود عبدالحليم فى كتابه «أحداث صنعت التاريخ» أن «البنا» روى له أنه حضر ذات يوم امتحان الدبلوم النهائى بدار العلوم، وكان امتحاناً شفوياً، سأله الممتحن يومها: ما أحسن بيت أعجبك فى الشعر العربى؟ رد «البنا»: أحسن بيت أعجبنى هو قول طرفة بن العبد فى معلقته: «إذا القوم قالوا من فتى خلت بأننى عنيت.. فلم أكسل ولم أتبلد». ولعلك تذكر أن هذه الذكرى الأدهمية ظلت عالقة بذهن واحد من جماعة الإخوان شاء الله أن يصل إلى رئاسة مصر وهو الدكتور محمد مرسى، فقد ذكر بيت الشعر نفسه فى أحد البرامج التليفزيونية التى كان يروج بها لشخصه قبل انتخابات الرئاسة 2012.

اللافت أن حسن البنا كان يردد هذا الكلام فى فترة تاريخية شهدت مجموعة من الزعامات ذات العيار الثقيل، على رأسها مصطفى باشا النحاس، وعدلى باشا يكن، وأحمد حسين، زعيم مصر الفتاة، وغيرهم. ولا يخفى عليك ما يحمله ترديد بيت شعر «الفتى المنتظر» من نرجسية وولع بالذات وقناعة عجيبة بأن الأقدار هى التى تختار، وليس البشر هم الذين يختارون أقدارهم. وهذا النمط من التفكير هو جزء من «الروح الأدهمية». ولعلك تذكر الوصف الذى قدمه «بلنت» للزعيم أحمد عرابى فى كتابه «التاريخ السرى للاحتلال الإنجليزى لمصر» وقال فيه: «راح عرابى يسير بطريقة حالمة فى الطريق الذى رسمه له الحظ، وكبرت فى رأسه خرافة المصير الذى رسمه له القدر، وأن العناية الإلهية بعثته منقذاً لهذا الشعب». ليس تشابهاً بين شخصين، فقد كان «عرابى» يغرد فى وادٍ، و«البنا» فى وادٍ آخر، لكنها الروح الأدهمية التى تدمغ الأشخاص بنفس البصمة.

وقف الشيخ الشاب عام 1928 بميدان الإسماعيلية رافعاً كتاب الله فى يده، وشرع يهتف: «الطريق ها هنا.. الطريق ها هنا». وكأن الناس قد ضلت عن الدين، وهو كلام لا ينطلى إلا على «الأداهم الحرافيش»، فى حين لم يجد صدى لدى «أفندية الوفد» أو الأعيان وملاك الأرض «الدستوريين». وقد كان «البنا» دقيقاً فى اختيار طريقه مع «حرافيش الأداهم».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإخوان و«حرافيش الأداهم» الإخوان و«حرافيش الأداهم»



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:14 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

محمد صلاح يتصدر قائمة أفضل 10 مهاجمين في أفريقيا
  مصر اليوم - محمد صلاح يتصدر قائمة أفضل 10 مهاجمين في أفريقيا

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 20:01 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أنغام تطلق فيديو كليب «تيجي نسيب» بتقنية Dolby Atmos لأول مرة
  مصر اليوم - أنغام تطلق فيديو كليب «تيجي نسيب» بتقنية Dolby Atmos لأول مرة

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 09:57 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

دليل بأهم الأشياء التي يجب توافرها داخل غرفة المعيشة

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 10:52 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

GMT 10:12 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز 5 ضحايا لهيمنة ميسي ورونالدو على الكرة الذهبية

GMT 09:36 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الدلو

GMT 01:58 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الكهرباء

GMT 10:39 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

أبوظبي وجهة مثالية لقضاء العطلة في موسم الشتاء الدافئ

GMT 03:57 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

8 منتخبات عربية في صدارة مجموعات تصفيات كأس العالم 2026
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon