توقيت القاهرة المحلي 20:55:46 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الفتوة العادل

  مصر اليوم -

الفتوة العادل

بقلم: د. محمود خليل

الشخصية الأدهمية نهازة للفرص، خصوصاً عندما تنتابها الرغبة فى التآمر. كذلك كان الخديو توفيق، فقد وصل «رياض باشا» رئيس حكومته إلى مستوى من القوة حالت بين شخصية الخديو الضعيفة والمواجهة المباشرة معه. وقد وجد فرصة سانحة للنيل منه عبر الاتصال بعرابى ورفاقه، واستعان فى ذلك بياوره على بك فهمى، وهو ضابط فلاح، لكنه التحق بخدمة الخديو عن طريق زوجته الشركسية، ذهب على فهمى إلى عرابى ورفاقه وأقنعهم بأن الخديو معهم ويحذرهم من التدابير السيئة التى يتخذها رياض ووزيره عثمان رفقى ضدهم. وعندما احتدم الأمر بين عرابى وحكومة رياض اقترح الخديو القبض على عرابى ورفاقه، فى الوقت الذى رفض فيه رئيس الحكومة ذلك!.

تمكن عرابى فى نهاية هذه الجولة من خلع الجركسى عثمان رفقى ناظر الحربية، وكانت هذه الخطوة محل إعجاب من «الأداهم الصغار» الذين تعج بهم قرى مصر وعاصمتها. أعجبهم فى «عرابى» قدرته -رغم أنه فلاح بسيط مثلهم- على تحدى الحكومة وإجبارها على ما يريد، استعادت الذاكرة الأدهمية وهى تتابع أحداث عام 1881 حكايات أبوزيد الهلالى وعنترة وغيرهما من الفرسان الذين أنبتهم الضعف، فأحالوا ضعفهم إلى قوة، وانتصرت إرادتهم على إرادة الكبار. يسجل «بلنت» أنه بعد أيام من النصر الذى حققه عرابى على عثمان رفقى: «بدأت الالتماسات على اختلاف أنواعها تنهال على عرابى من أولئك الذين ظلموا وراحوا يسعون إليه لإنصافهم». ما يصفه «بلنت» فى كتابه «التاريخ السرى لاحتلال الإنجليز لمصر» لا يختلف كثيراً عن الوصف الذى قدمه نجيب محفوظ للفتوة العادل «جبل» (الحكاية الثانية من أولاد حارتنا) حين تمكن وهو الضعيف من قهر فتوات ناظر الوقف فتعلق به مساكين الحارة وشكوا إليه ما حاق بهم من ظلم ليرفعه عنهم.

عاش «توفيق» إحساساً متأرجحاً بين الغيرة من شعبية عرابى والرغبة فى استخدامه كإحدى أدوات صراعه مع رياض باشا. وفى واحدة من لحظات ضعفه المتعددة استجاب لرياض باشا وخلع محمود سامى البارودى من نظارة الحربية فكانت مظاهرة 9 سبتمبر 1882 الشهيرة. تكاثر الأداهم المصريون واحتشدوا وراء عرابى الذى سيطر هو ورفاقه على ساحة عابدين واستجاب الخديو لمطالبه، وازداد عرابى قوة على قوة وشعبية على شعبية. يسجل «بلنت» أن المصريين بلغوا يومها قمة السعادة والفرحة إلى حد أنهم كانوا يوقف بعضهم بعضاً فى الشوارع، على الرغم من عدم تعارفهم، لكى يتعانقوا ويفرحوا ويبتهجوا للنصر الذى حققه عرابى.

الانتصارات المتتالية لعرابى لعبت برؤوس البسطاء من الأداهم، لم يكن هؤلاء منشغلين بما انشغل به المثقفون وما انخرطوا فيه من جدل حول الدستور وتمثيل الأمة والحكم الرشيد. غرق البسطاء فى لحظة انبهار فريدة بهذا الفلاح المصرى الذى تمكن من قهر الأقوياء، وأصبح أملاً لهم فى التخلص من تجاربهم المظلمة مع ظالميهم، وأسكرت رؤوسهم خطب عبدالله النديم -خطيب الثورة العرابية- التى غازلت شوقهم إلى العدل، وأجمع «الأداهم» أمرهم على أنه لم يعد بينهم وبين العيش فى ظلال الفتوة العادل سوى خطوة، مؤكد أن الفارس «عرابى» سيخطوها ممتطياً صهوة جواده.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفتوة العادل الفتوة العادل



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:14 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

محمد صلاح يتصدر قائمة أفضل 10 مهاجمين في أفريقيا
  مصر اليوم - محمد صلاح يتصدر قائمة أفضل 10 مهاجمين في أفريقيا

GMT 08:31 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 20:01 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أنغام تطلق فيديو كليب «تيجي نسيب» بتقنية Dolby Atmos لأول مرة
  مصر اليوم - أنغام تطلق فيديو كليب «تيجي نسيب» بتقنية Dolby Atmos لأول مرة

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 09:57 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

دليل بأهم الأشياء التي يجب توافرها داخل غرفة المعيشة

GMT 09:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 10:52 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

GMT 10:12 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

أبرز 5 ضحايا لهيمنة ميسي ورونالدو على الكرة الذهبية

GMT 09:36 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الدلو

GMT 01:58 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الكهرباء

GMT 10:39 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

أبوظبي وجهة مثالية لقضاء العطلة في موسم الشتاء الدافئ

GMT 03:57 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

8 منتخبات عربية في صدارة مجموعات تصفيات كأس العالم 2026
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon